بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 سبتمبر 2014

كتاب عابد الله أزرق طيبة - 5 الاحتفال بالمناسبات الدينية



الفصل الخامس
الاحتفال بالمناسبات الدينية
      لأتخلو أمة من الامم من أعياد ومناسبات تحتفل بها وتعلن فيها فرحتها وابتهاجها ، وتحفيزها  الى نشيط  ذاكرتها وترسيخ الثقة والاعتزاز بأمجادها وتقوية عزائمها على مواصلة السير نحو خير الامة وازدهارها، وهذه كلها امور ايجابية تعبر عن حاجة الانسان الفطرية الى مثل هذه الاعياد والمناسبات لتحقيق التواصل بينه وبين غيره من افراد المجتمع، ولتكون عونا  له على التزود بطاقة جديدة، لأستئناف السير ومواصلة المجاهدة.
    ومن هنا وجدنا ان الاسلام يلبي هذه الرغبة الطبيعية لدى الانسان في التواصل مع الاخرين ، ويتجاوب مع هذه الفطرة الانسانية، فـالاسلام دين الفطرة، وهو دين اجتماعي يعلي من شأن اجتماع المسلمين وتواصلهم في الصلاة والحج ويعمل على توطيد العلاقات الاجتماعية وزيادة التقارب والتعارف فيما بينهم ، يقول عز وجل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)[1].
   ومن اجل ذلك ايضا رأينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عندما قدم الى المدينة وجد لدى الانصار يومين يلعبون فيهما فقال: "ما هذان اليومان ؟". قالوا : يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ان الله ابدلكم بهما خيرا منهما: يوم الاضحى ويوم الفطر)[2].
        كم تشتاق النفوس الى الاعياد، لتهنأ وتسعد، وتفرح بفضل الله عز وجل (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[3]، فهى تساعد على اقامة العلاقات الاجتماعية والانسانية بين افراد المجتمع والتي  تضعف وتنزوي نتيجة لهاث الانسان الدائم لتحقيق متطلبات حياته، وهذه العلاقات الانسانية لها اثارها الواضحة في سلوك الافراد وعلاقاتهم داخل المجتمع، والهدف الاساسي منها هو مساعدة الافراد على الاندماج السوي في الجماعة والتكيف مع الاخرين من افراد المجتمع .
        وقد ابتكر الناس كثيرا من الاعياد تحت العديد من المسميات وفي العديد من المناسبات التي قد تكون دينية أو وطنية أو غير ذلك ، فهناك مثلا في العديد من الشعوب أعياد تحت مسميات مختلفة مثل عيد الربيع أو عيد الشكر أو عيد الحصاد أو عيد الحب أوعيد الام، وهناك ايضا أعياد قومية للتحرير أو الاستقلال، اضافة الى الأعياد الدينية.
      درج الشيخ عبد الله أزرق طيبة على الاحتفال باحياء ذكرى مناسبات عظيمة بالاضافة لعيدى الفطر والاضحى وكلها مناسبات تتعلق بنبى هذه الامة المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تشمل مولده وهجرته واسراءه ومعراجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكل مناسبة مرتبطة برسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ امتثالا لقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) واذا بحثنا عن تعريف الرحمة نجدها فى القرآن الكريم تعنى صاحب رسالة هذه الامة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
     أعظم وأصدق ما قيل في حق سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التعظيم والتبجيل هو قول الله تعالى الحق:( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[4] أي إن ذكر الله لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصلاة عليه إنما هي صفة أزلية أبدية له سبحانه، فقال: (يُصَلُّونَ ) وجاء بالفعل المضارع المستمر أي إنه صلى وما زال يصلي وسيبقى يصلي، وصلاته عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هي تعظيم واحترام، فحق لمن قال أن يقول: إن الله أمرنا أمراً بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكة قدسه وثلث بالمؤمنين من عالمي جنه وإنسه ، فقال قولا كريماً، تعظيماً لقدر نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتفخيماً، وتفهيماً لنا وتعليما، فيريد من تعبيره أن يفهمنا؛ أن من صفات الله تعالى الصلاة على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونبيه  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو رحمته المهداة للعالمين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال تعالى:  ) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[5].
    ونجد الشيخ عبد الله أزرق طيبة عندما يرشد المريد عقب البيعة بقوله: (ما تنقطع من زيارة طيبة........)   وذلك لحضور هذه المناسبات التى تقوى العزائم على مواصلة السير نحو خير الامة لما فى هذه المناسبات من دروس وعبر ومواعظ وتتمثل هذه المناسبات فى:
1-    الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف:
          إن الله جل في علاه قد ضم اسم حبيبه ونبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اسمه فلا تلج الإسلام إلا بنطقك اسم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تلج الإيمان إلا بنطقك واعتقادك باسم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تقيم أي عبادة لله من الوضوء إلى أكبر عبادة إلا بذكرك لاسمه الشريف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فما بال المتقولين على الله يفهمون الناس ما لا يراد منهم؟ .
    روي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه سمع بعد انتقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  رجلا يبكي ويقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد كان جذع تخطب الناس عليه فلما كثر الناس اتخذت منبراً لتسمعهم فحن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن فأمتك كانت أولى بالحنين إليك لما فارقتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن جعل طاعتك طاعته فقال عز وجل (من يطع الرسول فقد أطاع الله (بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أولهم فقال عز وجل (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم ) بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا قد أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان موسى بن عمران أعطاه الله حجراً تتفجر منه الأنهار فماذا بأعجب من أصابعك حين نبع منها الماء صلى الله عليك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان سليمان بن داود أعطاه الله الريح غدوها شهر ورواحها شهر فماذا بأعجب من البراق حين سريت عليه إلى السماء السابعة ثم صليت الصبح من ليلتك بالأبطح صلى الله عليك ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لئن كان عيسى بن مريم أعطاه الله إحياء الموتى فماذا بأعجب من الشاة المسمومة حين كلمتك وهي مشوية فقالت لك الذراع: "لا تأكلني فإني مسمومة"، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد دعا نوح على قومه فقال "رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً" ولو دعوت علينا بمثلها لهلكنا فلقد وطىء ظهرك وأدمى وجهك وكسرت رباعيتك فأبيت أن تقول إلا خيراً فقلت "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون"، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد اتبعك في قلة سنك وقصر عمرك ما لم يتبع نوحاً في كثرة سنه وطول عمره وآمن بك الكثير وما آمن معه إلا القليل، بأبي أنت وأمي يا رسول الله لو لم تجالس إلا كفؤاً لك ما جالستنا ولو لم تنكح إلا كفؤأ لك ما نكحت إلينا ولو لم تؤاكل إلا كفؤاً لك ما واكلتنا فلقد والله جالستنا ونكحت إلينا وواكلتنا ولبست الصوف وركبت الحمار وأردفت خلفك ووضعت طعامك على الأرض ولعقت أصابعك تواضعاً منك صلى الله عليك وسلم)[6].
       إذاً فلا تضق ذرعا – أخي الحبيب- بما تسمعه هنا وهناك، من الذين لم يشموا رائحة الحقيقة المحمدية فراحوا يبدعون الناس ويكفرونهم، ويسيئون الأدب مع الجناب الشريف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا تحزن أخي الحبيب: فلابد في كل عصر من أبي بكر الصديق الأكبر رضي الله عنه يناصر الحق ويفديه بمهجته، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل المحبة.
      ولابد في كل عصر من أبي جهل يعادي الحق والمحبة ويشن حربا ضروسا عليها وعلى أهلها... ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا...فالفلاح والنجاة والفوز العظيم لمن صبر على الابتلاء وعلى الأذى وبذل من نفسه ووقته في سبيل هذه المحبة...فلا شك أنه يعيش السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.
      فنحمد الله جل وعلا الذي أكرمنا بالرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والحمد لله الذي أكرمنا بوراثه من بعده  الذين يبعثهم ليجددوا الإيمان في القلوب.
المولد من شعائر الإسلام:
     من الشبه التي يكثر إيرادها: قولهم: إن الاحتفال بذكرى المولد عبادة، وقولهم: المولد عيد، وليس في الإسلام إلا عيد الأضحى وعيد الفطر.. ونسبة لارتبارط المناسبات بنبى هذه الامة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونورد هذا البحث الذى اعده العلامة الدكتور أحمد محمد نور سيف يقدم فيه تأصيلاً شرعياً لكون المولد من شعائر الإسلام. قال فضيلته: ((يقول الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله ِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ)[7]، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّه ِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)[8].
     الحرمات: جمع حُرُمة - بضمتين - وهو ما يجب احترامه .
والاحترام: اعتبار الشيء ذا حَرَم - كناية عن عدم الدخول فيه، أي عدم انتهاكه بمخالفة أمر الله في شأنه، تعظيماً كان أو تعظيماً وعبادة، إذ ليس كل معظم في نظر الشارع معبوداً، أمَّا المعبود أو المتعبد به فهو عند الشارع لا بد أن يكون معظماً - والحرمات يشمل كل ما أوصى الله بتعظيم أمره، فتشمل مناسك الحج كلها.
والذي يظهر أن الحرمات يشمل الهدايا، والقلائد، والمشعر الحرام، وغير ذلك من أعمال الحج . كالغسل في مواقعه، والحلق ومواقيته ومناسكه .
      والشعائر: جمع شعيرة ؛ المعلم الواضح، مشتقة من الشعور. وشعائر الله لقب لمناسك الحج . جمع شعيرة بمعنى مشعرة، أي معلمة بما عينه الله .
لذا فجملة (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ) أخص من مضمون جملة (وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ)، وذكر الأخص بعد الأعم للاهتمام، فكل ما أمر الله به، بزيارته أو بفعل يوقع فيه فهو من شعائر الله، أي مما أشعر الله الناس وقرره وشهره، كما في قوله تعالى:(إِنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ الله)[9]، وهي معالم الحج؛ الكعبة، والصفا والمروة، وعرفة، والمشعر الحرام، ونحوها من معالم الحج.
    والعبادة: فعل يدل على الخضوع أو التعظيم الزائدين على المتعارف عليه .
وفي الشرع: فعل ما يرضي الرب من خضوع وامتثال واجتناب، أو فعل ما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
وهو بذلك يشمل:
- ما كان الاستجابة فيه لأمر فرضاً كان أو مستحباً.
- أو الامتناع عما كان النهي عنه تحريماً أو كراهة.
- أو مباحاً انقلب بنية إلى مطلوب أو محظور.
- أو دلَّ الدليل على تعظيمه من الشارع، وهذا الأخير لا تتحقق فيه صفة العبادة بملاحظة قصد الشارع من التعظيم لذاته، وإنما العبادة تأتي من جهة وجوب ارتباط التعظيم من العبد لما عظم الخالق. فإذا أشار الدليل إلى منزلة معتبرة ومعظمة عند الشارع لمكان، أو فعل فيه، أو زمان، أو ذات، طلب من العبد أن يلتزم بما التزم الشرع به من هذا التعظيم، فكان عبادة بهذا المعنى .
     وفارق هذا النوع غيره من الأنواع الأخرى التي هي مطلوبة من الشارع قصداً فعلاً أو تركاً، كالصلاة والزكاة وفعل النوافل، أو اجتناب الزنا والمسكرات أو المكروهات، فهذا الامتثال عبادة مقصودة من الشارع.
    ولذا فما روعي موقف الشارع منه لاعتبار من الاعتبارات، لا يصدق فيه صفة العبادة على الحقيقة، فليس تعظيمنا للكعبة مثلا لكونها حجارة مرصوصة في شكل من الأشكال، أو البُدْن لأنها لحيوان من لحم ودم، وإنما من جهة ارتباطها بتعظيم الشارع لها ، لارتباطها بمعنى معظم عند الشارع ، فلزم العبد تعظيمها وإن لم يكن عابداً لها.
      وهذه صفة الشعيرة المعظمة عند الشارع، فلم يأمر الشرع بعبادتها ولا التذلل لها، وإنما أمر بأن تكرم وتعظم لمعنى فيها أراده الشارع .
      فالكعبة، والصفا والمروة، والبُدْن من شعائر الله، ومن حرماته، ومن معالم الإسلام، جعل الشارع منها رموزاً للتكريم والإجلال لا لذاتها، وإنما لملاصقتها وملازمتها أمراً معظماً عند الله وهو العبادة .
قال الإمام الفخر الرازي (23/24/32) في التفسير الكبير:
     والأصل في الشعائر الأعلام التي بها يعرف الشيء ويكون وسيلة إلى رحمة الله تعالى؛ فتعظيم شعائر الله تعالى أن يعتقد أن طاعة الله تعالى في التقرب بها، فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب، فمولد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاعة لما يحتوي عليه الاحتفاء من تعريف الأمة بقدر هذا النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال شمائله، وسرد سيرته نثراً أو شعراً، وغرس محبته وإجلاله في قلوب المسلمين، والدعوة إلى التأسي والاقتداء به .
      ومن هنا يتضح الفرق بين الشعيرة والعبادة، فالشعيرة أعم والعبادة أخص، فكل عبادة شعيرة، وليس كل شعيرة عبادة.
       فالشارع أمرنا بتعظيم البيت الحرام، وبناء المساجد، وتعظيم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتوقيره، ولم يأمرنا بعبادة الكعبة، ولا بعبادة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولا بعبادة المساجد، ولا بعبادة أصحابه والصالحين من عباد الله، مع أن توقيرهم واجب واحتقارهم كفر لأنهم يمثلون الدين، وكذلك طباعة المصحف، والتذلل للأبوين والمؤمنين، تعد من شعائر الله وليس ذلك عبادة لتلك الشعائر.
      فالمولد النبوي بهذا المقتضى يعتبر شعيرة من شعائر الدين، بل هو الدين؛ لأنه يحكي سيرة الأمين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فالقرآن الكريم هو خُلُق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل دستور الإسلام، وقد مثله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجل تمثيل في ذاته وفي حياته، وفي مجتمعه، فحينما نحتفل بمولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما نحتفل بالقرآن الذي يحمل قيم وأخلاق الإسلام العظيمة.
         وبهذا يعتبر مظهراً من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره، ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجل (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين» .
      فلا يكون الاتباع إلا بمعرفة، ولا تكون المعرفة إلا بالذكر والتذكير والتعريف والبيان، بأي وسيلة عرفها الإنسان بحسب مقتضى كل عصر ومجتمع، وليس في الشريعة ما يمنع من الاستفادة من وسائل التعريف والبيان المستجد في كل عصر ومصر، بحيث لا يصطدم بحكم أو نص شرعي مقرر، وقد جاءت القاعدة الأصولية في هذا البيان أن الوسائل لها حكم المقاصد، إذا كان المقصد شرعياً.
      أمَّا تشبيه المولد النبوي بالعيدين، وبما ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله: «لقد أبدلنا الله بعيدين: عيد الفطر، وعيد الأضحى» فتشبيه للشيء بغير جنسه، واستدلال في غير محله .
      وذلك أن الله أبدل الأمة الإسلامية بعيدين بدلا من عيدين أو أعياد كان المشركون وأهل الكتاب يتعبدون بها، فرحاً بتلك العبادة الشركية أو الكفرية التي كانوا يتعبدون بها ويقيمون الأفراح تعبداً بها، كعيد النيروز عند الفرس عبدة النار، والمهرجان، وغيرهما من طقوس العبادة والتقرب إلى غير الله.
     فاختار الإسلام بدلاً من ذلك فرحاً للمسلمين بعبادتين عظيمتين هما: ختام الصيام، وختام الحج، فكانا عيدين لا مثيل لهما، وكانا عبادتين تؤديان فيهما الصلاة ويعلن فيهما بأسباب الفرح .
    قال ابن حجر رحمه الله في كتاب العيدين، في شرحه لحديث الجاريتين المغنيتين في حضرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنكار أبي بكر عليهما، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «دعهما»: «عَرَّفه الحكم مقروناً ببيان الحكمة بأنه يوم عيد، أي يوم سرور شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لا ينكر في الأعراس».الفتح (116/3).
     فأين هذا الأمر من الفرح بمولد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أو الفرح بالأعراس، أو الفرح بعودة الحاج، أو الفرح بختم القرآن والاجتماع لذلك والفرح به، وبذل الخير والمعروف شكراً لله على تلك النعم، ولو لم تكن عبادة في ذاتها، إنما سبب للفرح بنعمة الله تعالى المتجددة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا).
        ولذا قررنا سابقاً أن هناك فرقاً كبيراً بين ما شرع في أصله عبادة، وبين ما عظمه الشارع وأمر بتعظيمه وإظهار الفرح به، وليس في أصله عبادة، وإنما يأخذ صورة العبادة في رضى الله سبحانه ومحبته لمن عظَّم ما عظَّم الله سبحانه، وفرح بما أمر الله أن يفرح به من محابه وتعظيم شعائره، وأن ذلك من تقوى القلوب .
       ولذا فلا مدخل للابتداع في مثل ذلك، ولا تتضح هذه الصورة لعقلاء القوم إلا ويذعنوا بصوابها، ويكفي هذا لمن ألقى السمع وهو شهيد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل))[10].انتهى.
2- ليلة الهجرة النبوية الشريفة:
      مع مطلع شهر المحرم من كل عام، يقف أهل الصلاح والتقوى يأخذون العبرة، ويسترشدون المعني، ويستلهمون الدرس، ويجدد فيهم النشاط، ويثير فيهم الحماس، ويزرع فيهم الأمل، ويحثهم علي العمل، ينير لهم الطريق، ويبعث فيهم روح الفريق، ويدفعهم إلي السير الحثيث إلي الله، ويهون عليهم مشاق الدنيا وأهوال الحياة ..!!
    إن انتهاء عام من أعمارنا قربنا من لقاء الله خطوة ولا ندري كم بقي من أعمارنا، بعض خطوة ، أم خطوة، أم خطوات " يقول الحسن البصري رضي الله عنه: (إنما أن أيها الإنسان أيام مجموعة، فاذا ذهب يومك فقد ذهب بعضك)[11]... إذا مر يوم من حياتك فقد وقعت ورقة من شجرتك، وطويت صفحة من صفحاتك، وهوي جدار من بنيانك..!! ويقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما ..نعم الليل والنهار يعملان فيك كيف؟.! يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد، ويفلان كل حديد ...!! يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن علي ..ويقول أيضا .. لو قيل أن كل الناس يدخلون الجنة إلا واحد لظننت إني ذلك الواحد .. بينما يقول الصديق أبو بكر رضي الله عنه: والله لا امن مكر الله وان كانت احدي قدماي في الجنة .. اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك.
     تثبت الهجرة أن المباديء لا تتجزأ ، وان الالتزام بها ضرورة لأهل العقيدة، رغم كل الظروف، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان حريصا علي أداء الأمانات التي كانت مودعة لديه إلي أهلها، وهو القائل: أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك. فترك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فراشه ، وهو أمر عجيب، هؤلاء الناس استباحوا دمه و أرادوا قتله، بل أدموه وأذوه وطردوه لكنه لم يشأ قتلهم ، ولم يستبح أموالهم، ولو كلفه ذلك بالمخاطرة بابن عمه، وصدق الله ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً )[12].
    لازلنا مع هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتعلم الدرس والتطبيق، ونحي بهذه المعاني الجميلة ..!! رحلة فريدة سطرها الإسلام، وسجلها القرآن، ونسج خيوطا هذا الجيل الفريد الذي طوع البلاد والعباد لرب البلاد والعباد، في فترة من الوقت لا تساوي في عمر الزمن شيئا ..!! مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحبه أبو بكر رضي الله عنه سطر الصحابة ملحمة نتعبد بها لله في قوتنا وضعفنا ، في يسرنا وضعفنا ، في غنانا وفقرنا، في حلنا وترحالنا ..!!
      لان ذلك هو دين وهو عقيدة وهو طريق مضروب إلي جنة عرضها السموات والأرض ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )[13].
     هذه وصية الله تعالي للأمة أن تترسم ذلكم الطريق الذي كان عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا تبقي مع الظالمين او المنافقين او الكذابين .... أهجرهم ..!!. إنها الهجرة بمعناها الواسع. و لا تبقي مع أرباب الذنوب والآثام .. لا تستمر في كهف المعاصي بل انتقل فورا إلي كهف الطاعات تدركك من الله بركات ورحمات ..!  (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً )[14] والكهف هنا بمعناه الواسع أيضا .. أنت في غرفتك تذاكر لتتفوق وتخدم دينك فأنت مهاجر ..!! أنت في مصلاك تذكر ربك وتشكره ليهديك الطريق فأنت مهاجر ..!! أنت في عملك تتقنه لترفع من شان أمتك فأنت مهاجر ..!! أنت ترفع لواء الحق وتسقط راية الباطل وتغيظ أعوان الباطل فأنت مهاجر ..!! أنت تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فأنت مهاجر ..!!  
     وهذا ما عناه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ , وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ . وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا   [15](... ليست الهجرة الانتقال من بلد ناء إلي بلد قريب ، أو من أرض مجدبة إلي أرض خصبة .. كلا إنها هجرة النفوس قبل البيوت .. إنها هجرة القلوب قبل القصور .. إن رجل هاجر وهو ضعيف مريض عاجز فأدركه الموت في الطريق فقال من قال لو وصل المدينة وأكمل الهجرة لحاز الأجر كله فانزل الله قرانا يهدي النفوس ويطمئن القلوب ويضع النقاط فوق الحروف يربط الأعمال بالنيات ابتداء ...(وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )[16].
2-    الاسراء والمعراج:
   لقد كان هذا الدين بعثاً للحياة فى دنيا تموج بأسباب الفناء وتمزق فناء أوصالها عوامل الإنحلال وكانت صيحته القوية لطمة أقضت مضجع الباطل والمبطلين فتصدوا لهذا الدين وتربصوا به الدوائر وقعدوا له كل مرصد وأنزلوا أفدح الضربات به وبالمؤمنين به خاصة بعد وفاة أبي طالب عم النبى الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخديجة زوجه. وقد كانا قوة فى جانب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعرف لها قريش وزنها وتحسب حسابها وتوليها إحترامها. الأمر الذى جعل الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلتمس التغيير فى ثقيف ويرجو عونها على تبليغ رسالة ربه، ولكنه وجد أهلها أشد عناداً وأسوأ معاملة فعاد وقد قلاه البعيد والقريب يرفع أكف الضراعة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لله خالقه يبثه ما لقى، وأن أقصى ما لديه من جهد وطاقة قد بذله. والله أعلم بكل ذلك وتمثل ذلك فى هذه الكلمات الضارعة: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله)[17] .
       إن سلاح الإيمان لا يفل وصاحبه موصول بالسماء والمستمسكون به على عين من الله خالقهم يبارك أعمالهم ويحقق أمالهم ويثبت بأنواع التثبيت قلوبهم وكانت نعمة الإسراء والمعراج المظهر الصادق لذلك كله لقد كانت نعمة علوية هبت نسماتها على قلب رسول الله الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقلب أصحابه فى مكة فنعمت بها نفوسهم وأطمأنت أفئدتهم وأزداد المؤمنون بها إيماناً وتسليماً .
       لقد أسرى الله تبارك وتعالى بحبيبه سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مكة المكرمة إلى بيت المقدس بجسده وروحه معاً ثم عرج به كذلك إلى السموات العلا فقد ذكر فى القرآن الكريم بقوله: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير)[18]  .
  وذكر المعراج فى سورة النجم قال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى*وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* َلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى*ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى*وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى*ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى)[19]، ويمعن فى كلمة [ بعبده ] ولم يقل بروح عبده أو غير ذلك ولكن قال بعبده والعبد جسد وروح وهناك الأحاديث الكثيرة التى منها ما ذكره إبن عباس وغيره أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ليلة أسرى به وذكر الجنة والنار وبعض أحوالهم .
       وحيث كان الإسراء والمعراج وهو قمة التكريم من الله لحبيبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليسرّى عنه ما ألم به من مشاق فى سبيل الدعوة، فإن ذلك يحتاج من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبذل طاقته فى تصفية نفسه، وذلك بتطهير ذلك القلب الذى هو من الإنسان محط نظر الرب سبحانه وتصفيته من كل الأغيار التى تحجب عنه أنوار الحق وترمى به فى موارد الهلكة والخسران المبين وشاء الله هذا وكان شق الصدر بين يدى الإسراء والمعراج إمارته وعلامته.
   وإن ذلك ليوحى إلى المرء المسلم قبل أن يشرع فى أى عمل دينى أو دنيوى بأن أول ما يجب أن تتجه همته إلى طهارة قلبه ليكون موصولاً بالله خالقه وحتى يزود روحه بطاقة تدفعه إلى الخير وتمنعه أن يزل ويسلك طريق الشر.
       لقد تفضل الله على نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برحلة الإسراء والمعراج فأراه مشارق الأرض ومغاربها ، وتمت نعمة ربك برحلة المعراج التى تدل على كمال قدرة الله إذ إطلع نبيه على ملكوت السموات وأوصله إلى مستوى كان فيه (قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى كى يعلمه أن أهل الأرض الذين أذوه وعذبوه يجهلون منزلته عند ربه الذى أشهده كل شئ وأعلمه أن رفع ذكره فلا رتبة لأحد فوقه !! ويا لها من منزله تلك التى يعطيها الله لمصطفاه فى أعلى عليين.
 4- ليلة النصف من شعبان:
من لطف الله بنا أن جعل لنا فى أيام دهرنا نفحات من رحمته ، فمن تعرض لها أصابته نفحة منها ، وفاز بمغفرة الله تعالى ورضوانه ، فرمضان شهر ميزه الله بالصوم ، وجعل ثواب الأعمال فيه مضاعفاً ، أما شعبان فهو مدخل لرمضان ، فيه يستعد المؤمنون لأيامه ، ويقومون لياليه ، وهل يكون الإستعداد إلا بصيام أيام من شهر شعبان فى كل عام ، لتهيئة النفوس والأجسام لتقبل الصيام ، وتتحمل جوعه وعطشه ، وتذوق لذته ، والتحليق فى أفاق روحانيته .
عن على بن أبى طالب ( كرم الله وجهه ) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس، إلى سماء الدنيا، فيقول ألا من مستغفر لى، فأغفر له ألا من مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر)[20].
 وعن أبى موسى الأشعرى - رضى الله عنه - عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (إن الله ليطلع فى ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن.)[21]، وفى رواية الإمام أحمد، عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنه: ( فيغفر لعباده إلا لأثنين، مشاحن وقاتل نفس).
   إن الله لا يغفر للإنسان إذا أشرك بعبادته لله شيئاً من خلقه ، حتى يتوب ويعود مخلصاً لله بعبادته وحده، وما وقع فيه من الذنوب الأخرى، فقد جعل للمؤمنين، أبواب التوبة مفتوحة، ووسائل الإستغفار فى متناول أيديهم، التى منها تحرى ساعاتها فى أيامها، كما أخبرنا بذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحثنا على الإكثار من العمل الصالح فى كل زمان ومكان، وخاصة فى أيام مخصوصة، كأيام رمضان وشعبان ، وليلة النصف منه، فإن لها فضلاً عند الله تعالى، فما أحرى بالمؤمنين، وهم يعيشون عصراً ، كثر فساده ، وقل أخياره ، وكثرت فتنته، وأصبح اللجوء إلى الله فى أيام مباركات وفاضلات، أحوج ما يكون إليه المؤمن فى هذا العصر والعصور التالية، ففيها الملجأ الأمين لمن أصابته الفتن، وكثرت عليه الذنوب، ليمد يديه إلى علام الغيوب، لعله يجد عنده المغفرة والرحمة، والأمن والسكينة والطمأنينة.
   روى عن عائشة - رضى الله عنها - قالت: كنت إلى جنب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففقدته، فاتبعته فإذا هو بالبقيع رافعاً يديه يدعو فقال: ( يا إبنة أبا بكر، أحسبت أن الله يحيف عليك ورسوله، إن الله ينزل فى هذه الليلة النصف من شعبان فيغفر فيها من الذنوب أكثر من عدد شعر معز كلب )[22].
   5- غزوة بدر الكبرى:
          إن معارك الإسلام في مواجهـة الجاهليات وملل الكفر عامرة بالدروس والمواعظ لاسيما التي وقعت منها في عهد الرسول الاعظم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد إمتازت معركة بـدر عن سائر المعارك بدروس متعددة لاتحدها حدود زمان لا مكان الي يوم يـرث الله الأرض ومن عليها  ومن خصوصيات معركة بدر وقوعها في شهر رمضان المعظم، وحضـور النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصفته البشرية وقيادته للقتال، وتنزل الملائكة فيها وقتالهم مع الفئة المؤمنـة، وحضـور الشياطين وغوايتهم للمشركين وعدم التكافؤ البين بين الفئة الكافرة والمؤمنة، فضلا عن تنزل القرآن الكريم بشأنها وتخصيصها بسورة كاملة من السور الطوال هي سورة الانفال التي سمي فيها الخالق جل وعلا يوم بدر يوم الفرقان يوم التقي الجمعان. وقد تعلقت مواقف ومواعظ يوم بدر بعالمي الغيب والشهادة ومما نستفيده بالنسبة لعالم الغيب ونأخذ منه العبر والدروس:
  (أ) الجانب القدري:
     يتمثل الجانب القدري في تصريـف الأمور وان كل التقاء أوإفتراق إنما هو مقـدر تقديرا سواء ونحن نقف علي حال أمر في الماضي أو في المشهود أو المستقبل . فلا تذهب بنا الأماني أو الحسرات إلي ما ينقص الحال أو ما يكون مدخلا للشيطان فتصرفنا وساوسه عن الوجهة المطلوبة إلي مناح لاترضي الخالق.  والإيمان بالقضاء والقدر من الأمور الغيبية التي حجب الله علمها عن البشر وأوجب على المسلم الإيمان الجازم والتسليم الكامل بهما لما يرتبه ذلك من السعادة للعبد في الدنيا والأخرة فإنه إذا علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصبه أطمان قلبه وهدأت نفسه ورضى بتقدير مولاه فتخفف عليه وطأة المصائب ويتعلق القلب بالرب عزوجل وهذا مقتضى الإيمان. والشيخ عبدالقادر الجيلاني يذكر ان متطلبات الإيمان الصادق أن يؤمن الإنسان بالقضاء والقدر فيقول: (وينبغي أن يؤمن بخير القدر وشره وحلو القدر ومره . وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه بالحذر وما أخطاه من الأسباب لم يكن ليصيبه بالطلب، وأن جميع ما كان في سالف الدهور والأزمان، وما يكون إلى يوم البعث والنشور بقضاء الله وقدره المقدور  وأنه لا محيص لمخلوق من القدر المقدور الذي خط في اللوح المسطور)[23]. . وعلى هذا درج سلف هذه الأمه في الإيمان بالقضاء والقدر بإعتباره ركناً من أركان الإيمان لايتم إلا به .
(ب)تأثير الشيطان:
والشيطان أيضاً من المسلمات الغيبية عند المسلمين وجودا وهو لا يؤثر في الانسان نفسيا فحسب او يجري منه مجرى الدم فقط كما اخبر عنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن قد يتجسد للانسان فيغويه بالسوء، وقد تشكل الشيطان لمشركي قريش في صورة سراقة بن مالك المدلجي  من بني مالك ابن كنانة ليغريهم بالخروج من مكة لحرب المسلمين وقد كانوا متحفظين من هذا الخروج لاسباب عدة منها ان لقبيلة بني بكر بن عبد مناف من كنانة ثأر عندهم. فكانت قريش تتوجس من غزوّة لبني بكر فأمنهم الشيطان علي ذلك في صورة سراقة المدلجي وفي ذلك يقول الخالق جل وعلا: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَـنُ أَعْمَـلَهُمْ وَقَالَ لاَغَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِّنكُمْ إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[24].
(ج) فعل الدعاء: 
      يلاحظ هذا في غزوة بدر من خلال فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتي ولو انه اخذ بكل ما امكنه من أسباب مادية لخوض المعركة فأنه استمر يدعو ربه بل استمر على الدعاء بالرغم من أن جبريل عليه السلام قد نزل من عند الخالق سبحانه يبشره بالنصر وقد توجه الي ربه يومئذ بالدعاء، وقد وردت الاشارة الي الدعاء والاستغاثة في قوله عز وجل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)[25]. وحتي أن أبابكر الصديق قد أشفق على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يدعو ربه ويقول: ( اللهم ان تهلك هذه العصابة اليوم لاتعبد في الارض )  فقال له ابو بكر: ( يانبي الله  بعد مناشدتك ربك فأن الله منجز لك ما وعدك ). وحينما استقبلهـم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أي المشركين ) أخذ حفنة من الحصباء فرماها تجاههم  وهو يقول: ( شاهت الوجوه)[26] .
ليعلم الكل مدى قرب الله من عباده وعلمه بأحوالهم ويكفى أنه سمى نفسه بالسميع فهو لا يشغله سمع عن سمع ولا تختلط عليه اللغات ولا تتشابه عنده الأصوات، وقد جاء فى قوله الحديث ( …. وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء والمسألة، وعلىّ الإستجابة والعطاء )[27] وأما قوله تعالي:( أجيب دعوة الداعي ) تقرير للقرب ووعد الداعي بالإجابة – فجعل إجابة الداعي مناطة به سبحانه وتعالي ومشيئته وسابق علمه وشرطها [ إذا دعان ] أى توجيه العبد إلي خالقه ومولاه وحده بدون شريك متيقناً من أنه لا قادر علي إجابته إلا هو سبحانه وتعالي والإجابة هنا غير مشروطة بل هي مطلقة فلم يقل  الداعي منهم ولم يقل أجيب دعوتهم إذا دعوني .
      فَأكثرُوا الدعاءَ ولا سِيَّمَا فِي الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنَ الليلِ فَإِنَّها سَاعَةٌ مُبارَكَةٌ وَلْيَبْقَ لِسَانُكَ رَطْبًا بذِكرِ اللهِ. ومن أسبابِ إجابَةِ الدعاءِ أن يَكونَ الطَّعامُ حلالاً، عن أَبِي هريرةَ رضيَ الله عنه قالَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ،  ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ)[28] فَقَالَ: (يا أيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[29]، وَقالَ: (يا أيُّها الذينَ ءامَنُوا كُلوا مِنْ طَيِّباَتِ مَا رَزَقْنَاكُم)[30]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفرَ أَشْعَثَ أَغبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حرامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ)[31].
(د)الحياة البرزخية[32] :
      وهي المرحلة بين الموت والبعث يوم القيامة  وهي من المسلمات في عقيدتنا الاسلامية وقد ورد في شأنها الكثير من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ملزمون بالتسليم بذلك والايمان به علمنا الكيف أم لم نعلمه. وقد نبه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلي هذا فى يوم بدر حينما أشرف على القتلي من المشركين الذين وضعوا في القليب فتحدث اليهم امام الشهود من المسلمين  وقد خرج البخاريّ عن أنس عن أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه و سلّم أمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً، مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ، مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ، أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ، الْيَوْمَ الثَّالِثَ، أَمَرَ بَرَاحِلَتِهِ، فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى، وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ. وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ حَتَّى: قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ: بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ وَ يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَن أَيَسُرُّكُمْ: أنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟؟؟؟ قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ، لاَ أَرْوَاحَ لَهَا !!!!فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ")[33].


[1] سورةالحجرات13
[2] رواه ابو داؤد
[3] سورة يونس 58
[4] سورة الاحزاب 56
[5] سورة الأنبياء107
[6] انظركتاب : إحياء علوم الدين ص ج (1/310) المؤلف : محمد بن محمد الغزالي أبو حامد- حديث عمر في حنين الجذع ونبع الماء من بين أصابعه والإسراء به على البراق إلى السماء السابعة ثم صلاة الصبح من ليلته بالأبطح وكلام الشاة المسمومة وأنه دمى وجهه وكسرت رباعيته فقال اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وأنه لبس الصوف وركب الحمار وأردف خلفه ووضع طعامه بالأرض ولعق أصابعه وهو غريب بطوله من حديث عمر وهو معروف من أوجه أخرى فحديث حنين الجذع متفق عليه من حديث جابر وابن عمر وحديث نبع الماء من بين أصابعه متفق عليه من حديث أنس وغيره وحديث الإسراء متفق عليه من حديث أنس دون ذكر صلاة الصبح بالأبطح وحديث كلام الشاة المسمومة رواه أبو داود من حديث جابر وفيه انقطاع وحديث أنه دمى وجهه وكسرت رباعيته متفق عليه من حديث سهل بن سعد في غزوة أحد وحديث اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون رواه البيهقي في دلائل النبوة والحديث في الصحيح من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه و سلم حكاه عن نبي من الأنبياء ضربه قومه وحديث لبس الصوف رواه الطيالسي من حديث سهل بن سعد وحديث ركوبه الحمار وإردافه خلفه متفق عليه من حديث أسامة بن زيد وحديث وضع طعامه بالأرض رواه أحمد في الزهد من حديث الحسن مرسلا وللبخاري من حديث أنس ما أكل رسول الله صلى الله عليه و سلم على خوان قط وحديث لعقه أصابعه رواه مسلم من حديث كعب بن مالك وأنس بن مالك

[7] سورة الحج:30
[8] سورة الحج:32
[9] سورة البقرة:158
[10] (نشرة صدى الدار- العدد17- دبى)/ الدكتور أحمد محمد نور سيف
[11] الإسلام اهتم بوقت المسلم بصفة عامّة, وحثه على اغتنامه وعدم إضاعته، فهو من الأمور التي يسأل عنها الإنسان يوم القيامة فعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " لا تزولُ قدَمَا عبد يومَ القيامة ، حتى يُسألَ عن أربع : عن عُمُره فيمَ أفناه ؟ وعن عِلْمِهِ ما عمِل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيم أبلاه ؟ " رواه الترمذي وصححه عن أبي برزة الأسلمي ، والإسلام نظم حياة المسلم ووقته فقد نظم نومه واستيقاظه، وأداءه للشعائر، وانطلاقه إلى ميدان الحياة، ليجعل عمله كله عبادة لله عز وجل يقوم على أساس الشعائر كلها وعلى أساس من ذكر الله الملازم له..

[12] سورة النساء:58
[13] سورة الأنعام:153
[14] سورة الكهف:16
[15] خرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب لا هجرة بعد الفتح، حديث رقم (3077)، ومسلم في كتاب الإمارة باب المبايعة بعد الفتح حديث رقم (1353)
[16] سورة النساء:100
[17] أخرجه: أبو القاسم الطبراني في كتاب "الدعاء" (1/315) من طريق محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن جعفر، قال في مجمع الزوائد(6/37): "رواه الطبراني وفيه إسحاق وهو مدلس ثقة وبقية ثقات "، وانظر : تاريخ الطبري(1/554)، وسيرة ابن هشام(2/368).
[18] سورة الإسراء:1
[19] سورة النجم: 1-9
[20] شرح سنن ابن ماجه للسندي
[21] ابن ماجة1390، وابن أبي عاصم، واللالكائي
[22]  رواه الإمام أحمد 26060 .
[23] الغنية (1/65) ص 262 - الشيخ عبد القادر الجيلانى.
[24] سورة الانفال: 48
[25] سورة الانفال: 9
[26] سبق تخريجه
[27] الجامع الصغير رقم(6068)/ السيوطى
[28] مسلم ، الترمذي ، أحمد ، الدارمي
[29] سورة المؤمنون:51]
[30] سورة البقرة:172
[31] رواهُ مُسلِمٌ برقم1015
[32] بحسب الإطلاق الشرعيّ، فهو مصطلح يُعبّر عن أمدٍ ما بين الدنيا والآخرة وعالمٍ خاصٍّ مباينٍ لهما، يَرِدُ عليه الخلق بعد الموت والفناء، وقد فسّره الإمام الطبري بأنه حاجز يحجز بين الخلائق وبين الرجوع إلى الدنيا، ويظلّون فيه إلى أن يُبعثوا من قبورهم، واعتبر أن البرزخ والحاجز والمهلة متقاربات في المعنى، ويظهر من تعريفه ملاحظة مسألة الفصل القائمة في الحياة البرزخيّة عما قبلها وما بعدها فلذلك عبّر عن البرزخ بالحاجز. والحاصل أن البرزخ يفصل بين الموت والبعث، أو بين الدنيا والآخرة، أو بين الموت والرجوع إلى الدنيا، وهو الإمهال إلى يوم القيامة، وكلام العلماء وتعبيراتهم تدور حول هذه المعاني. وعالم البرزخ له متعلّق بالدنيا والآخرة، فهو يبتديء من نهاية الدنيا: أحوال المحتضر ونزع الروح، وينتهي ببداية الآخرة، وهو بعث الأموات للحساب يوم القيامة.
[33] انظر فتح الباري ( 7 / 304 )

ليست هناك تعليقات: