بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 سبتمبر 2014

كتاب عابد الله أزرق طيبة - 3 البيعة والعهد



الفصل الثالث
البيعة والعهد
       يلاحظ ان منهج الطريقة القادرية قد اتسم بالشمول الذى استهدف غايات محددة جعلها الشيخ عبدالله مقاصد أساسية مضمنة فى بيعة الطريقة. ولفظها كما أخذها جده المؤسس من شيخه: الشيخ حبيب الله العجمى:( أستغفر الله العظيم من كل ذنب أتوب إليه (ثلاثة مرات) أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم بايعتك فى الدين والشريعة والمتابعة وجعلت نفسى مريداً للسيد محى الدين عبد القادر الجيلانى قدس الله روحه ونور ضريحه اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك اللهم يا مصرف القلوب أصرف قلبى على طاعتك اللهم أكفينى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عن من سواك وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته أجمعين ).
        و(البيعة)[1] هذه هى نقطة بداية انطلاق الشيخ عبدالله أزرق طيبة لتطبيق منهجه، فهو دائما عند البيعة لاحد الذين أراد الله لهم أن يسلكوا طريق القوم وبعدها يأمر المبايع بإتباع المأمورات وإجتناب المنهيات والقيام بأداء الفرائض والنوافل ومراقبة الله تعالى فى الحركات والسكنات والأقوال والأفعال ومعاملة الخلق بمقتضى الشرع والنصح لهم وأن كانت متضمنة فى البيعة، فتجد الشيخ عبدالله أزرق طيبة يردد دوما عقب البيعة قائلا: ( حافظ على الصلاة في المسجد أو فى جماعة والا لوقتها، وماتقوم من المصلاية الّا أذا ما أكلمت اذكار الاساس، ابتعد عن مصاحبة أهل الغفلة وأصحب الاخيار، وأملأ وقتك بالعمل الصالح ، حلقات القرآن، وحلقات علم أو عمل تأكل وتشرب منو، وماتنقطع عن زيارة طيبة فى المناسبات الدينية: هجرة المصطفى، النصف من شعبان، ليلة الاسراء والمعراج، غزوة بدر الكبرى، ليلة المولد النيوى الشريف، عيد الفطر والاضحى والعيد الصلاة).
   و(للبيعة فى الاسلام)[2] العديد من الادلة نذكر منها هذا الحديث الشريف: عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ، أَمَّا هُوَ فَحَبِيبٌ إِلَيَّ، وَأَمَّا هُوَ عِنْدِي فَأَمِينٌ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، قال :(أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ؟، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللَّهِ ؟، قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا، وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: (عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَتُطِيعُوا، وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً، وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ، يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ)[3].
     وقد اشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم على هؤلاء النفر أن يعاهدوه على جانبين أساسيين :
الأول: الجانب العبادي والاعتقاد، متمثل بشرط العبادة والتوحيد والصلاة .
والثاني: الجانب العملي المتجسد وهو الطاعة في كل شيء وخصوصا عدم سؤال الناس أي شيء، أي لا يطلب احدهم من أحد أي شيء مهما كان يسيرا.
     هذا هو عهدهم مع الله تعالى على يد رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو طريقهم الذي رسمه لهم حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم  وعلى أساس تطبيقه تتحقق مراتبهم ومنازلهم  (وَمَنْ  أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ  اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ  أَجْرًا عَظِيمًا [4](.  الطريقة مع هؤلاء عبادة واعتقاد وعمل في اطار الطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم  وأولي الأمر منهم.
      ولو تعمقنا قليلا في فهم الشرط الأخير من شروط هذه المعاهدة لرأينا فيه وسيلة عجيبة لرفع مرتبه هؤلاء النفر في أركان الدين الثلاثة (الإسلام الإيمان الإحسان) .. كيف ؟
في الحالة الإعتيادية كم يحتاج الإنسان ان يسأل الناس مساعدتهم في صغير الأمور وكبيرها؟
     تكاد تكون كثيرة وكثيرة جدًا .. هنا وكلما إحتاج احد أولئك النفر أن يسأل أحدا شيئًا أو يطلب منه شيء حضر إلى عقله وقلبه عهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمنعه ذلك الحضور من ذلك السؤال، ويعمله بنفسه،  وهذا الحضور لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، هوحضور مع الله  تعالى.
    الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هي طاعة لله تعالى:( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ [5]، وهذه التربية على عدم الاعتماد على الناس في صغير الأمور وكبيرها تربي العبد على التوكل على الله تعالى وعلى اللجوء إليه قلبيًا في كل لمحة ونفس، فبهذا العهد الخاص وهذه البيعة الخاصة وهذه الطريقة، رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهؤلاء النفر من الصحابة منهجًا ومسلكًا يحققهم بأركان الدين الثلاثة، الإسلام الإيمان الإحسان:
الإسلام: حين يعبدون الله لا يشركون به شيئا ويؤدون فرائضه في أوقاتها .
الإيمان:  تمسكهم بما عاهدوا عليه الله ورسوله .
الإحسان: الحضور الدائم مع الله تعالى من خلال تذكرهم لله في كل حاجة يحتاجون سؤال الناس فيها .
     وهذا هو معنى الطريقة بالنسبة لهؤلاء النفر.
      إن مقاصد البيعة تزكية المسترشد من رين الإكتساب الآثم، وتخليته من خصال الجهالة وهى النفس الأمارة بالسوء ثم تحليته بالإخلاق النورانية والآداب الربانية سمواً به إلي مدارج الإنسانية الرفيعة، حينما يتحرر من كل شئ سوى الله فيكرمه الله بمقام العبودية وبيعه الطريق في جملتها، بيعة على ترك المنكرات جزماً، وفعل الخيرات قدر الوسع والطاقة[6]، وعندما يأذن الشيخ عبد الله أزرق طيبة للمريد ويحدد له (أوراده) أذكاره اليومية يرشده أيضًا بأن يعمل بها حسب طاقته، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وقد جاء الهدى النبوي للعاملين في طريق الحق:( أَكْلِفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ ، وَإِنْ قَلَّ)[7]. وفى رواية اخرى: (خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وكان إذا صلى صلاة داوم عليه)[8].
      ويمكننا أن نعتبر هذا الحديث أحد أهم الأسس التي قامت عليها الطريقة القادرية. فهذا الحديث فيه تأكيد على أن الطريقة القادرية العركية التي هي فرع من الطريقة القادرية، التي تعتبر من الطرق الصوفية الأكثر اعتدالاً، ترتبط بشكل أساسي بالشرع المحمدي، وتتخذه محوراً لعلاقات الفرد مع الأشياء من حولـه.
       فإذا أخذ المريد البيعة من الشيخ تحقيقاً لهذه المقاصد فإن العهد بذلك يلزم أن يكون عهداً مسئولاً وما نشأ من إلتزام بمقتضيات هذا العهد يرتقي إلي درجة          (الوجوب) ذلك لأن العهد لا يعدو أن يكون نذراً بطاعة الله وفعل ما يقرب إليه، يقول تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[9].
     والبيان القرآني يحفل بذكر الوفاء بالعهد بإعتباره من الأخلاق العملية والخصال السلوكية التي لابد أن تنعكس أثارها الإيجابية على حركة الإنسان في المجتمع، ولما يترتب على الوفاء بالعهد أوالنكّث به من آثار على مستوى العلاقات الإجتماعية إيجاباً أو سلباً، ولإهمية الوفاء بالعهد في كل تنظيم جماعي يقتضي قائداً ومقوداً، ولا سيما في مضمار الجهاد اكبره وأصغره، فإن القرآن الكريم قد جاء بآيات تلفت النظر إلي مفهوم الوفاء بالعهد وأهميته .
       وعندما يحرص مشايخ التصوف الإسلامي على أن يفي تلاميذهم بما تلقوا من عهد وما إلتزموا من بيعة على أيديهم فإنما يرتكزون في ذلك على أصل مشروع في مصدر يمثل المرجعية الأعلى لكافة الأحكام في علم الأصول والوصول، وهي القرآن الكريم ونورد فيما نحن بسبيله:
   قوله تبارك وتعالى : (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا)[10] .
       وقد جاءت العبارة جزءاً من آية في سياق عدد من الآيات تأمر المؤمنين بخصال الخير وأعمال البر ومسالك الفضائل، وقد جاء لفظ العهد في سياق الآية واللام فيه لام جنس ليشمل الوفاء بالعهد كل عهد في طاعة تعهد به المؤمن، ذلك لان العهد بالقربات يجعلها لازمة لأنه عهد يتضمن معنى النذر بطاعة الله قربى يلزم الوفاء بها .
       ومن إلتزم من المؤمنين شيئاً من الطاعات ألزمها فيكون مسئولاً عن الوفاء بها وبهذا الإعتبار كان العهد مسئولا، وهي مسئولية أمام الله تبارك وتعالى، مما يجعل المؤمن الذي يعطي الوفاء بهذا العهد أولوية ناجزه وأهمية تعلوا على كافة مهام الحياة ذلك لان الوفاء بالعهد في طاعة الله تبارك وتعالى يجعل للحياة معنى، ويربط المؤمن بما يتجاوز ذاته رجاء ما عند الله تبارك وتعالى .
    ويقول الله تبارك وتعالى: ( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ*وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ*وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ*وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[11] .
    ومن خلال الأسس التي إعتمدها الشيخ عبد الله للطريقة (الكتاب والسنة)، فهى تعيد لعلاقات المريد مع الأشياء من حولـه رصانتها ومتانتها. فالقرآن يعطي لهذه العلاقات أصوليتها دون مواربة أو غموض. والسنة تغذّي التجربة العملية للفرد من خلال مجموعة من القيم والسلوكات. إذ إن الكتاب والسنة ليسا مجرد تراث قديم، بل هما فاعلية متجددة في الزمان والمكان.
       أيضا نجد ان بيعة الشيخ عبد الله  تستند إلى عدد من الفاعليات مستمدة من الكتاب والسنة وهي: المحبة، والذكر، والفكر، والتسليم والمتابعة:
أولا الذكر والفكر:
      فالذكر هو لبّ القرآن، وهو متعبد بتلاوة كل حرف فيه؛ والفكر هو محتوى السنة، بما هي تفسير وتعميق لمفاهيم الشرع؛ قال الشيخ احمد بن حجر فى معنى الذكر: ((الذكر شرعا قول سيق لثناء او دعاء وقد يستعمل شرعا أيضا لكل قول يثاب قائله، وقال الرازي في قوله تعالي (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)[12]: "اعلم ان الله تعالي كلفنا في هذه الآيه بأمرين : الذكر، والشكر أما الذكر فقد يكون باللسان، وقد يكون بالقلب وقد يكون بالجوارح، فذكرهم اياه باللسان ان يحمدوه، ويسبحوه، ويمجدوه ويقرأوا كتابه، وذكرهم اياه بقلوبهم علي ثلاثه أنواع: أحدهما: ان يتفكروا فيه في الدلائل الدالة علي ذاته، وصفاته ويتفكروا في الجواب عن الشبهة القادحة في تلك الدلائل، وثانيها: ان يتفكروا في الدلائل الدالة علي كيفية تكاليفه واحكامه وأوامره، ونواهيه، ووعده. وثالثها: ان يتفكروا في أسرار مخلوقات الله تعالي حتى تصير كل ذرة من ذرات المخلوقات كالمرآة المجلوه المحازيه لعالم القدس، فإذا نظر العبد اليها انعكس شعاع بصره منها إلى عالم الجلال، هذا المقام مقام لا نهاية له، أما ذكرهم إياه تعالي بجوارحهم فهو ان تكون جوارحهم مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها وخالية من الأعمال التي نهوا عنها ، وعلي هذا سمي الله تعالي الصلاة ذكرا بقوله:(فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) فصار الأمر بقوله:( فاذكروني) متضمنا جميع الطاعات، فلذا روي عن سعيد بن جبير انه قال:(اذكروني بطاعتي فاجمله حتى يدخل الكل فيه) واما قوله تعالي: (أذكركم) فاظهر ما قيل فيه:(أذكركم برحمتي) أى(أذكركم برحمتي))[13].أنتهى
  وكثيراً ما تعتري النفس الغفلة، ويعرض لها الذهول والنسيان، فهي في حاجة إلى مّن يذكرها إذا نسيت، وينبهها إذا غفلت، ويوقظ فيها حاسة الخير لتنبعث إلى غايتها، دون توقف أو إبطاء. وليس أنفع لها، ولا أجدى عليها من تلاوة كتاب الله، ومداومة الذكر، فهما ربيع القلوب، وجلاء الأحزان والهموم.
    وذلك أن مناجاة الله عن طريق التلاوة والذكر تقوي العزائم وترهف المشاعر والأحاسيس، وتسمو بالانسان إلى الذروة من الروحانية والكمال، فيبدو الانسان إنساناً متكاملاً، هيناً، ليناً، متفائلاً، لا يني عن الخير، ولا يقصر عن غاية.
       ولذلك نجد أن لبيعة الشيخ عبد الله أذكار مستمدة من الكتاب والسنة تصحبها وتؤسس عليها تعطى للمبايع أثر البيعة وتعتبر جزاءً منها وتكون عقب الصلوات الخمس مباشرة تسمى اذكار الأساس وهى المشار اليها بقوله عقب البيعة: (وماتقوم من المصلاية الّا اذا ما أكلمت اذكار الاساس)  وهى:
أولا: الباقيات الصالحات(سبحان الله 33 مرة والحمد لله 33 مرة والله أكبر 33 مرة)[14]، ثم (الإستغفار مائتان، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مائتان، لا إله إلا الله مائتان ، والله الله مائتان (جرد)، والأسماء الحسنى مرة واحدة). وسوف نفصل ذلك ان شاء الله فى الفصل الخاص الذكر بهذه الرسالة.
    ثانيا المحبة:
     والمحبة هي جماع الروابط، ولُحمة العلاقات التي تجمع المريد بكل ما حوله؛ وهى قطب  يدار حوله. إن الحب والوفاء والود والإخاء حقيقة وجدانية، بل أمرٌ فطرى جبلت عليه النفوس البشرية لا بل هو من الإيمان إن كان خالصاً للرحمن، فالأخوة الحقَّة والمحبة الصادقة تولّد في النفس أصدق العواطف النبيلة وأخلص المشاعر الصادقة بلا تلفيق اعتذارات ولا تنميق عبارات بل صدقٌ في الحديث والمعاملة والنصح، يمسك الأخ بيد أخيه في رفق وحُنوٍ وشفقة، بِرٌ وصلة ووفاء، إيثار وعون في الشدة والرخاء فلا ينساه من الدعاء وكل ذلك دون تكلف أو شعور بالمشقة والعناء بل في أريحية وحسن أداء وطلب الأجر من رب الأرض والسماء، أَيدٍ تتصافح وقلوبٌ تتآلف، أرواحٌ تتفادى ورؤوسٌ تتعانق وحقيقة الأخوة في الله لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -وذكر منهن-  من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله)[15]، والإنسان بلا ذلك كله جلمود صخر لا يستطيع الحياة مع الناس ومخالطتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم. والناس فيه – أي الحب– بين إفراط وتفريط واعتدال. فحقيقة الحب في الله "أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء"[16] كما قال يحيى بن معاذ رحمه الله، والحب في الله من المفاهيم المركزية التي قام عليها الإسلام منذ مرحلة تأسيسه فصبغ كل تعاليمه وتوّجها بعاطفة الحب التي هي المحرك الفاعل فيها. بل إن الحب في الله لونٌ من ألوان العبادة المأمور بها شرعاً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  وهذا هو النهج الذى يسير عليه الشيخ عبدالله أزرق طيبة ويوصى به على الدوام وتطبيقا لذلك فقد دأب على سنة في التواصل التى جعلت مريديه اكثر تعلقا به، وهي احياء ليالي الاثنين من كل اسبوع بمنزل احد المريدين وقد دأب الشيخ على عيادة المرضى والمشاركة في مناسبة جميع معارفه فهو وصول للمكرمات، نجد الشيخ عبدالله يدعو لمريديه  بظهر الغيب، ويناصحتهم إذا أخطأ الواحد منهم،  يحب لهم ما يحب لنفسه، ويحثّهمُ  على فعل الطاعات، ويحترم من  كان كبيراً ويعطف علي من كان صغيراً، وبفضل هذه المحبة والالفة التي أذكاها في قلوب مريديه وتلامذته أسس روابط ابناء القادرية وهي تضم كل الفئات فمنهم الغني والفقير والمهندس والطبيب والعامل والزارع فهم ابناء الطريق ويتداولون في دار الرابطة كتاب الله والذكر ودروس الفقه والسيرة والسنة واحياء الليالي كما انه ربط بين ابناء الطريق وجعل الكل في خدمة الكل والكل في محبة دائمة وشوق إلي بعضهم البعض.
     إن المحبة في الله سبب لمحبة الله للعبد، إن الله يظل المتحابين فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله، إن الحب في الله والبغض في الله دليل على كمال إيمان العبد، إن الحب في الله سببٌ لذوق حلاوة الإيمان وطعمه، إن المرء بمحبته لأهل الخير يلتحق بهم، إن الله يكرم من أحب عبداً لله، إن المتحابين في الله على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء.
   وكذلك انما حب الله في قلوبنا يتم بمجاهدة النفس وتوطينها على ذكر الله وتسبيحه وحمده والثناء عليه، ومجاهدة النفس عملية عبادية تبدأ بدوام ذكر الله عز وجل ودوام تسبيحه وحمده والثناء عليه والاخلاص له، والشكر له، اعترافا بنعمه واقرارا بربوبيته والتوكل عليه أي تحقيق العبودية له وحده لاشريك له. وهو ما يسعى الشيخ عبدالله لتحقيقه من خلال منهجه.
      ان تعلق القلب بالله، والطمأنينة الى الكفاية، والرضا بقضائه والتيقن به والانس بوجوده، والقرب منه بالطاعة، هي افعال تعمق حب الله فينا. والذي يعني ميل قلب الانسان الى الله عز وجل، وهي الحالة التي يكون المؤمنون فيها اشد حبا لله من سواه. يقول الله تعالى:( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)[17].      
      فأذا كانت هذه الافعال هي التي تنمي حبنا لله عز وجل، فما الافعال التي تحقق محبة الله عز وجل لنا؟ ان الاحساس بمحبة الله عز وجل يثير في النفس الثقة والامان والاطمئنان فليس المهم أن نُحِب ولكن ان تُحًب، تلك هي المسألة، الا اننا في القرآن الكريم، نقف امام رحمة الله عز وجل، بأروع معانيها. ذلك ان القرآن الكريم، لايعلمنا كيف نُحب الله عز وجل، وحسب، ولكنه يخبرنا متى نكون محبوبين عند الله.
    ان محبة الله تعالى للانسان، هي أحد أشكال رحمة الله عز وجل به، كما يوضحها القرآن الكريم، الذي رسم بأعجازه الرائع حدود الطرق المؤدية الى محبة الله عز وجل. ولو تدبرنا آيات الذكر الحكيم بحثا عن تلك الطرق التي تؤدي الى محبة الله عز وجل، لوجدنا ان (محبة الله) لنا تتحقق عبر فعل حضاري ايماني شامل، تتمثل ابعاده في عدة عناصر يطبقها الشيخ عبدالله أزرق طيبة ويرشد مريديه  لتطبيقها فى سيرهم الى الله نذكر منها:
(أ) اتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
 يقول الله تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)[18] وقال الله تعالى:   ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[19]. لذلك فأن حسن الاقتداء به وحسن اتباعه، يعد الطريق الاساس لنيل محبة الله عز وجل.
(ب) الاحسان :
       لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان الاحسان هو (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) ولوتأملنا مواضع الاحسان في القرآن الكريم، لوجدناها تدور على محاور متعددة قال تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ()[20]. (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.)[21]. (فَآتَاهُمُ اللَّـهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ  وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[22]. ان هذه الأمور، التي تحتويها الآيات المذكورة، تمثل احد معطيات الاحسان الذي علمنا اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في النهاية أحد الطرق المفضية الى كسب محبة الله عز وجل.
(ج) التقوى:
        وهي فعل يجمع وحدة العقيدة والسلوك والمنهج والمعرفة، حين عرضها القرآن الكريم. وقد عبر القرآن الكريم عن هذه الوحدة في قوله تعالى :( الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[23].
      ولذلك فأن من يحسن عيش هذا الفعل، جامعا متوازنا بين العقيدة والسلوك والمنهج والمعرفة على وفق هدى الله عز وجل، ينال محبة الله عز وجل.
(د) الصبر
ويكفي الصابرين فخرًا ان الله عز وجل يوفيهم أجرهم بغير حساب، فلا غرابة في أن يكون الصبر طريقًا الى محبة الله ورضوانه. ولما كانت المصائب، من تدمير وهلاك في الارواح والاموال والممتلكات، اشد المصائب على الانسان والمجتمعات، كان الصبر[24] على تحملها ونتائجها، اشد مايكون على الانسان.
 سادسا: التوكل :
فالتوكل[25] هو تفويض الأمر الى الله، والاعتماد في كل الاحوال على الله تعالى، والايمان بأن لا حول ولا قوة الا به. لقد جاء التوكل طريقا الى محبة الله عز وجل، في قوله تعالى:( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين)[26].
(ه)التوبة والتطهر:
     وهما فعلان يؤديان الى كسب محبة الله عز وجل ورضوانه، ذلك ان التوبة هي الرجوع عن اختيار الشيطان، مرجعا ودليلا في الحياة، الى الله عز وجل، وسراطه المستقيم. ان الله تعالى، يعلم ان العبد يضعف امام زينة الحياة الدنيا الى حد ما، فيأخذه الشيطان الى مهاوي الردى، غير أنّ لحظة حضور لمقومات الفطرة النقية تظهر في حياة ذلك العبد، تكشف عن عمق التردي والغواية التي يعيشها، فيحسم كل هذا السقوط لصالح الحق والايمان، فتصفو الفطرة ويصفو الاختيار فتكون المغفرة.يقول الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَاتَفْعَلُونَ)[27]. ان التوابين هم الذين يحققون احد اسماء الله الحسنى وصفاته ألا وهو(التواب)[28]، الذي يدل على ان الله عز وجل، اوجب محبته لمن اكثر من الرجوع اليه تائبا، وان كثرت ذنوبه، ولذلك كانت التوبة طريقا الى محبة الله للأنسان.
       اما(التطهر)[29]، فهو فعل مادي ومعنوي يشمل الجسد والروح فينقيهما من القذارة المادية والمعنوية، لذلك فأن الطهر الروحي والمادي، يعدان طريقا لنيل محبة الله عز وجل، ذلك فان علو مقام الله عز وجل، يفترض علو مقام الذين يحبهم، ويمثل الطهر الروحي والمادي أحد مظاهر هذا العلو، فالقذرون ماديا تنفر منهم الكائنات البشرية، والقذرون روحيا تنفر منهم العقول المؤمنة النقية، انهم وسخ الأرض.. يقول الله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)[30]. ان طهر الروح بالتوحيد، وطهر الجسد بالغسل والوضوء، يعدان أعلى مقامات الطهر، لذلك كان المطهرون، أحباء الله سبحانه وتعالى .
  ثالثا التسليم والمتابعة: 
      أما التسليم والمتابعة فهو الوجه الآخر لنهج الشيخ عبد الله فى الطريقة، إذ هو باختصار العبارة التسليم لله أولاً، وللشيخ، بما هو دليل ومرشد إلى الله، ثانياً. قال تعالى: ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[31].
  هذا هو نهج السير فى طريق اياك نعبد ولذلك يجب ان تكون أعمال المريد كلها وعبادته موافقة لأمر الله، ولما يحبه ويرضاه، وهذا هو العمل الذي لا يقبل الله من عامل سواه، وهو الذي ابتلى عباده بالموت والحياة لأجله قال الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)[32] وجعل ما على الأرض زينة لها ليختبرهم أيهم أحسن عملا.
    ونجد ان الشيخ عبد الله لم يشغل المريدين بتعدد المقامات والمراتب… وبهذا اختصر لهم الطريق، إن ما ركز عليه الشيخ عبد الله، هو الوصول بالمريد إلى حالة من التواصل مع الحياة ومع المجتمع، وبالتالى التوقف عن العزلة التى تفرضها مثل هذه المقامات على المريد، تحقيقاً لأهدافٍ قد لا تتحقق في هذه الحياة. فالشيخ عبد الله يؤمن أن المعرفة والحقيقة لا تتحققان للمتصوف إلا أن يذكر الله بإخلاص، ويحب أخاه بإخلاص، ويطعم اللقمة بإخلاص.
    إذن، فالشأن الاجتماعى هو المسيطر على الخطاب الصوفي عند الشيخ عبدالله؛ لأن الشيخ يريد للمريد أن يتخطى حقبة العمل الفردى، التي عاشها المتصوفة السابقون، وينخرط في العمل الجماعى.
     إذن، فحياة المريد، وممارساته الاجتماعية، أضحت جزءاً لا يتجزأ من سيره في جانب الله؛ بمعنى عدم الفصل بين ظاهر حياة المريد وباطنها.
   من هنا نجد أن  تحقيق هذا التوازن في حياة المريد، يأخذ طريقين: طريقاً صاعداً، يأخذ بأسباب الشرع والعمل، أولاً؛ وطريقاً نازلاً، لا يأخذ بالأسباب، في البدايات، بل يعتمد على الفضل(المدد)[33]، وهذا ما عبر عنه مشايخ التصوف في حديثهم: (لكل مؤمن ميراث محمدي، فبأي شيء يناله؟!) فقال فريق منهم: يناله بالفضل. وقال الفريق الاخر: بالاجتهاد. ونجد نهج الشيخ عبد الله هو: (اتباع السنة المحمدية)، وشاهدنا قول الله تعالى:( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهَ)[34]، وقوله تعالى، في الحديث القدسى: (لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه...)[35]. وما يُفهم من هذا الحديث أن الميراث المحمدى "المعرفة" ليست تتم بالعمل الشخصى، وحده، ولا بالمدد الإلهى، وحده، بل هي تتم بكليهما معاً؛ إذ الاتباع يعني الاقتداء بالعمل والاجتهاد، والتسليم بأن المعرفة آتية من لدن الحق بمدد صاحب الوقت، أو الوارث المحمدى.
    إن المدد الغيبى تارة يظهر بصورة توفير الشروط والظروف لتحقق النجاح والتوفيق، وأخرى بصورة الهامات وتوجيهات، ولكن، يجب أن نعلم بأن هذه الألطاف الغيبية لا تتحقق عبثاً ومجانياً، فليس الأمر كما يتخيله البعض، بأن يعتكف في بيته دون أن يعمل شيئاً، ثم ينتظر اليد الغيبية لتستجيب لمطالبه.
    كلا، فإن مثل هذا التقوقع مخالف لنواميس الوجود والخليقة وهذا ما نجده فى قول الشيخ عبد الله أزرق طيبة عند البيعة: (أملأ وقتك بالعمل الصالح، حلقات قرآن، حلقات علم أو عمل تأكل وتشرب منو وماتنقطع عن زيارة طيبة فى المناسبات الدينية)، ولتوضيح ذلك هناك آيتان في القرآن الكريم، تشير إحداهما إلى النوع الأول من الإمدادات الغيبية، وهو توفير شروط التوفيق والنجاح، والثانية تشير إلى النوع الثاني، وهي الإلهامات والألطاف، والتوجيهات، والإرشادات المعنوية.
الآية الأولى حول النوع الأول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)[36] ، إذن فمعونة الله، وهي المدد الغيبى، مشروطة بنصرة الله السابقة على مدد الله، أو للمقارنة له، أي: بالخدمة والعمل والجهاد في طريق الخير، وأن يكون كل ذلك في سبيل الله، أي لله وفى الله، وكما أن العمل والمجاهدة شرط، فكذلك الإخلاص وحسن النية.
الآية الثانية حول النوع الثانى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)[37]، وهذه الآية كالسابقة، وقد اشترطت العمل، وبذل الجهود، وكذلك اشترطت النية، وأن يكون ذلك في سبيل الله، فاشترطت القوة البدنية، والقوة الروحية المعنوية، وفي ظل هذه الشروط سوف تتحقق الهداية والنور القلبى للانسان.
لذلك يردد الشيخ عقب البيعة ويقول: (وماتنقطع عن زيارة طيبة فى المناسبات الدينية ....).
الحقيقة والشريعة
     وصايا الشيخ عبد الله عند البيعة تفسّر  قولـه تعالى:( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاًً)[38] ، اذا امعنا النظر  فى عبارات البيعة نجد الأعمال على قسمين: ما هو واجب على العبد تجاه الحق، عز وجل، كامتثال الأوامر(حافظ على الصلاة فى المسجد أو فى جماعة والّاّ لوقتها)، واجتناب النواهي(ابتعد عن مصاحبة اهل الغفلة واصحب الاخيار)، والتقرب إلى الله بالعبادات والطاعات وما يتعلق بالمخلوقات ومعاملاتهم (وماتقوم من المصلاية الّا أذا ما أكلمت اذكار الاساس، وأملا وقتك بالعمل الصالح، حلقات تلاوة، حلقات علم، عمل تأكل وتشرب منو)؛ ومن هنا نرى أن الوسطية التي تميزت بها هذه الأمة، تجعل الأمور متوازنة، لا تطغى فيها أشياء الحق على أشياء الخلق، ولا تبغي فيها أشياء الخلق على أشــياء الحق.
     من هذا المفهوم يجب أن لا يكتفي المُريد بالوقوف عند الرسوم والأشكال الشرعية الظاهرية؛ بل هو مُطالب بأن يسعى نحو العمق، لكن هذا العمق، يجب أن لا يمسّ بالتوازن الوسطي، بمعنى أن لا تعلو كفة ظاهر التكاليف الشرعية على روحانية العبادات، أو العكس. ونجد الشيخ عبد الله ، يطبقً معنى الآية الكريمة (وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ)[39] ، وللميزان كفتان: الأولى شريعة، والثانية حقيقة[40]. ولا بد للفقير من أن يعطي لكلّ منهما حقها. بل يجب، دائماً، أن يربط المريد بين كل عبادة ظاهرية ومعناها، لأن (الصلاة بلا حضور كالجثة بلا روح)[41].
  وهذا المنظور الوسطي عند الشيخ عبد الله، يجمع بين الوجود الحسي المادي (عالم الـمُلْك)، والوجود الغيبي المُفارق (عالم الملكوت)، وما يناسب عالم الـمُلك هو كلام القرآن ( الفرقان )، بمخارجه وحروفه وتفسيره، وكلام الأحاديث النبوية؛ أما ما يناسب عالم الملكوت فهو روح القرآن (الذِكْر )، بما هو كلام إلهي مُنزل في اللوح المحفوظ. واستجابات المريدين، هنا، متفاوتة ومتدرجة. فمنهم من يكتفي بأن يكون علمه مقصوراً على شرعية النص الديني، أو حرفية الكلام الإلهي، بما هو تعاليم، ومعاملات، وأوامر، ونواه. ومنهم مَن يسعى إلى التعمّق في النص للوصول إلى روحه.
      إذن، فإن منهج الشيخ عبد الله أزرق طيبة، يكمن في توسيعه لمفهوم الشريعة والحقيقة، ليشملا علاقة الإنسان بالحياة، بمعناها الواسع.
    لذا، فقد أصبح الشيخ عبد الله يحبّب إلى مريده التعمق في كل معانى الحياة، بما فيها الأمور الشرعية؛ لانه سيجد، تحت كل حكم شرعى، وحياتي، كنزاً من كنوز الحقيقة والمعرفة الباطنية، حتى لا ينزلق المريد وراء المعرفة الصوفية، معرضاً عن ظاهر العبادات، أو مجمل التعاملات الحيوية.
   عندما  يرشد الشيخ المريد باجتناب النواهي فيقول: (ابتعد عن مصاحبة أهل الغفلة وأصحب الاخيار). والدين في جملته وتفصيله ما هو إلا إرشاد لما يجب أن يكون عليه الانسان ليأخذ من الكمال بحظ وافر في هذه الحياة. وليعد نفسه لجوار ذي الجلال في حياة أبقى وأرقى. والابتعاد عن أهل الغفلة وصحبة الاخيار هو أمر بملازمة التقوى، عن أبي سعيد الخدري، قال: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّهَا جِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ؛ فَإِنَّهَا رَهْبَانِيَّةُ الْمُسْلِمِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللَّه وَتِلاوَةِ كِتَابِهِ؛ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ وَذِكْرٌ فِي السَّمَاءِ, وَأَخْزِنْ لِسَانَكَ إِلا مِنْ خَيْرٍ؛ فَإِنَّكَ بِذَلِكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ)[42].
     ففي الأمر بملازمة التقوى، أمر باتباع كل خير، ومجانبة كل شر. إذ أن التقوى ـ بمفهومها اللغوي ومدلولها الشرعي ـ لا تحتمل غير هذا المعنى، فهي مأخوذة من الوقاية بمعنى الحفظ.
    والانسان لا يقي نفسه ولا يحفظها إلا إذا أتى بما أمر الله به من فضيلة، وأجتنب ما نهى الله عنه من رذيلة .وفي هذا سمو للنفس، وعروج بها في معارج القدس والكمال .ومن ثم عظم الشارع أمر التقوى، وجعلها جماع كل خير، ومصدر كل بر، وأصل كل صلاح للأفراد والجماعات.
     ولابد لتحصيل التقوى، من فقه في دين الله، ومعرفة ما فيه من سمو وحكمة. يضاف إلى ذلك قوة إرادة ومضاء عزيمة لحمل النفس على الاضطلاع بالتبعات والتكاليف.
   وبالمعرفة من جانب، والإرادة الحازمة من جانب آخر، يستطيع المرء أن يبصر الطريق، ويسير على الجادة دون تعثر أو انحراف.
وفي الحديث، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يبلغ أحدكم أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به، حذراً مما به بأس)[43].
      وهذه المعاني الكريمة، والوصايا الحكيمة، لا ينتظم أمرها إلا إذا ضبط الانسان نفسه وملك لسانه. فما كان من خير نطق به، وما كان من شر سكت عنه، (رَحَمَ الله إمْرئٍ قَالَ خَيْراً فَغَنِمْ... أَوْ سَكَتَ فَسَلِمْ)[44].
   وكثيرا من الناس تخونهم ألسنتهم، فيكثرون من القيل والقال ويخوضون فيما ينبغى لهم أن يتنزهوا عنه، ويذيعون مقالة السوء، ويحرّفون الكلم عن مواضعه، دون مراعاة لأدب القول، ولا محافظة على أعراض الناس، ولا مراقبة لله، فضلاً عن ضياع أوقاتهم وأوقات غيرهم فيما لا طائل تحته ولا غناء فيه.
      وفي كتاب الترمذي،عن معاذ رضي اللّه عنه قال فى حديث طويل وفيه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ألا أُخْبِرُكَ برأسِ الأمْرِ وَعمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنامِهِ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! قال: رأسُ الأمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الجِهادُ، ثم قال: ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلكَ كُلِّهُ؟ قلت: بلى يا رسول اللّه! فأخذ بلسانه ثم قال: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، قلت: يا رسول اللّه! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟)  ويقول أيضاً: (إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ، وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ، وَقَالَ: خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ، وَشِرَارُكُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ الْبُرَآءَ الْعَنَتَ)[45].
      السعادة فى الداريين تحت هذه التقوى فلا تنس نصيبك منها والذى يختص به هذا الشأن من أمر العبادة ثلاثة أصول :-
أحدهما التوفيق والتأييد أولاً وهو للمتقين كما قال الله تعالى: ( أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)[46].
والثانى إصلاح العمل وإتمام التقصير وهو للمتقين كما قال الله تعالى: ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ )[47].
والثالث قبول العمل وهو للمتقين كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)[48].
   ومدار العبادة على هذه الأمور الثلاثة التوفيق أولاً حتى تعمل، ثم الإصلاح للتقصير حتى يتم، ثم القبول إذا تم. وهذه الأمور الثلاثة التى يتضرع فيها العابدون إلى الله تعالى يسألون فيقولون ربنا وفقنا لطاعتك وأتمم تقصيرنا وتقبل منا وقد وعد الله تعالى ذلك كله على التقوى وأكرم بها المتقى سأل أو لم يسأل فعليك بهذه التقوى إن أردت عبادة الله سبحانه بل أردت سعادة الدنيا والعقبى.
المرأة و الدعوة إلى الله
     لاشك أن الإسلام لم يميز بين الذكر والأنثى حين أصدر أوامره ونواهيه، بل جاء خطابه عاما شاملا لهما معا إلاّ ما كان خاصا بجنس دون الآخر. والشيخ عبدالله يعمل على تطبيق هذه الاوامر والنواهى كما جاء فى آى الذكر الحكيم:
      قال تعالى:( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما)[49].
   يقول الله تعالى:(مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[50]
     هذه الآية تؤكد أن كلا من الذكر والأنثى مجزِيٌّ عن عمله الصالح في الحياة الدنيا وفي الآخرة دون تمييز بينهما أو تفضيل. وهذا دليل على تحمل الأنثى الأمانة إلى جانب الرجل؛ أمانة الاستخلاف في الأرض، لأنها هي كذلك إنسان لقوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً َّرحِيماً)[51]، وهكذا حملت الأنثى الأمانة إلى جانب الذكر، وهي محاسبة عليها مثله. والدعوة إلى الله أكبر أمانة تحملها الإنسان ذكرا أو أنثى وأُمر بها لقوله تعالى: ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[52].
      يفهم من هذه الآية أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض على الكفاية، أى إذا قام به البعض سقط عن الباقى، لكن الله عز وجل يعمِّم هذا الفرض على المؤمنين جميعا بقوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[53]. والآية صريحة في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب من الذكور والإناث، كل حسب طاقته.
     وإذا وعد الله المؤمنين والمؤمنات القائمين بواجب الدعوة إلى الله بالرحمة (أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ ) وهي رعايته وتوفيقه لهم، فإنه سبحانه يهدد تاركي هذا الواجب باللعنة، وهي الطرد والإبعاد من رحمة الله والحرمان من توفيقه ورعايته قال عز من قائل: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)[54].
    لذلك نجد الشيخ عبد الله يهتم بالاناث اهتمامه بالذكور ويجدن منه النصح والتوجيه والارشاد لتحمل مسئوليتهن والعمل فى جميع مجالات الدعوة الى الله  ولهن اوضاعهن الخاصة  حسب مقتضيات الشريعة.
يقول الشاعر:
الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا أَعْـدَدْتَ شَعْبـاً طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ[55]
مسئلة اختلاط النساء بالرجال:
     إن هذه المسئلة تحتاج إلى تفصيل فقد روى الإمام المجتهد ابن المنذر في كتابه الأوسط عن أنس قال: (("قدمنا مع أبي موسى الأشعري فصلى بنا العصر في المِرْبَد، ثم جلسنا إلى مسجد الجامع فإذا المغيرة بن شعبة يصلي بالناس والرجال والنساء مختلطون فصلينا معهم".
    وروى البخاري في صحيحه عن سهل قال :"كان الرجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم عاقِدِي أُزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان ويقال للنساء لا ترفعن رؤسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا".
     وروى الحافظ ابن حبان عن سهل بن سعد قال :( كُنَّ النِّسَاءُ يُؤْمَرْنَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاةِ أَنْ لا يَرْفَعْنَ رُءُوسَهُنَّ حَتَّى يَأْخُذَ الرِّجَالُ مَقَاعِدَهُمْ مِنَ الأَرْضِ، مِنْ ضِيقِ الثِّيَابِ )[56] أي من ضيق أزر الرجال. وعند الإمام احمد وأبي داود من حديث أسماء بنت أبي بكر ولفظه :"فلا ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهية أن يرين عورات الرجال".
     ففي هذه الروايات دليل على أن النساء كن يصلين خلف الرجال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين صفوف الرجال وصفوف النساء ستارة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:  (لا تمنعوا إماء الله مساجدَ الله)[57].
      قال النووي ما نصه: (ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنها ـ أي المرأة ـ لو حضرت وصلّت الجمعة جاز، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال، ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام)[58] اهـ.
       ثم أليس يجتمع النساء والرجال معًا في مكة المكرمة والمدينة المنورة في موسم الحج وغيره؟ أم عندكم أيها المشوشون للنساء شريعتين شريعة في الحجاز وشريعة خارجها؟
    هذا وقد صح في الحديث الذي رواه مسلم أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: (لايدخلنّ أحدُكُم على مغيبة إلا ومعهُ رجلٌ أو رَجُلان)[59].
    وجاء في الموطأ: ( أنه سئل مالك هل يجوز أن يأكل الرجل وزوجته مع رجل آخر فقال مالك: لا بأس بذلك إذا كان ذلك على ما يعرف من أمر الناس)[60]. اهـ.
      فإذا كان جلوسها مع زوجها ورجل أجنبي للطعام جائزًا فكيف بجلوسها في مجلس تتعلم فيه أمور دينها تتلقى فيه من رجل؟! وقد ثبت في الصحيح أن الرجال كانوا يسألون السيدة عائشة رضي الله عنها عن الأحكام والأحاديث مشافهة، ذكر ذلك الحافظ العسقلاني وغيره، ومن المعروف أن العديد من المحدثات في الماضي تخرجن على العديد من الحفاظ والمحدثين ثم حدثن الرجال، فقد أخذ الحافظ ابن عساكر أفضل المحدثين بالشام في زمانه عن ألف رجل وثلاثمائة امرأة.
    وذكر الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي في فتاويه الكبرى والشيخ أحمد بن يحيى المالكي في كتابه الذي جمع فيه فتاوى فقهاء المغرب المسمى "المعيار" وكان من أهل القرن العاشر توفي سنة 914هـ :(إن الاختلاط المحرم ما كان فيه تضام وتلاصق بالأجسام).
     وفي صحيح البخاري عن سهل قال :(لما عرّس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعاما ولا قرّبه إليهم إلا امرأته أم أسيد) الحديث. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني:"وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفى أن محلّ ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر)[61])[62] اهـ.
     وهذا هو الحق الذى عليه الشيخ عبد الله أزرق طيبة، مع الصيانة وستر العورات وأمن الفتنة، أما الشخص الذي عرف من نفسه أنه لا يستطيع ان يمنع نفسه ما دام في المجلس من النظر المحرم فاستمراره هناك حرام عليه.
 السير على النهج  المحمدى
       إن النبوة و الرسالة محور الوجود الإنساني قاطبة و الحامية له من الفساد والهلاك الآني والمستقبلي الأبدي على الإطلاق، كما أنها الواسطة الواصلة بين العبد وربه، بالتبليغ والتزكية و التربية وصيانة العقيدة التي يقوم عليها الوجود كله قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ.)[63] ، (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)[64] وقال:( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ)[65].
     وقد جاء الشيخ عبد الله منسجماً مع هذا الموقف الإسلامي الأصيل، فهو يستمد نظرته إلى الوجود من نظرته إلى النبى صلى الله عليه وسلم، مما أعطى هذا الموقف بعداً فكرياً لا ينأى بنظريات الشيخ عبد الله أزرق طيبة بعيداً عن آراء كثيرٍ ممن سبقه من شيوخ التصوف، الذين لا يفصلون بين النظرة إلى (الشخصية المحمدية)[66] وبين الوجود، من أجل ذلك، كان لابد لمن يرتبط بالحضرة المحمدية، في منهجه الفكري والسلوكي، من أن يلتزم بنظرة خاصة للشخصية المحمدية، وللواقع الوجودي المستمد من هذه الشخصية.


[1] أخرج البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله قال:بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه ؛ وإن شاء عاقبه. فبايعناه على ذلك(أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان. وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي كما في "الترغيب والترهيب" ج2/ ص415).

[2] البيعة على الإسلام: وهي أوجب الأنواع وآكدها، ولا شك أنها أولى البيعات، ولا شيء من البيعات نكثه كفرٌ مخرجٌ عن الملة إلا هذه، ونكث بقية البيعات كبيرةٌ عظيمة من الكبائر وذنب كبير. وقد قال الله تعالى في هذه البيعة: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم} وقال جريرٌ -رضي الله عنه-: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، والنصح لكل مسلم"[رواه البخاري برقم (55) ومسلم برقم (83)].
[3] رواه الإمام مسلم- باب الزكاة – ج2 ص 721. رقم الحديث: 1736.
[4] سورة الفتح : 10
[5] اسورة لنساء : 80
[6] أخرج الطبراني في "الأوسط" وأبو نعيم والحاكم والبيهقي وابن عساكر عن بشير بن الخصاصية قال أتيت رسول الله لأبايعه فقلت: علامَ تُبايعني يا رسول الله ؟ فمدَّ رسول الله يده، فقال: تشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وتصلي الصلوات الخمس لوقتها، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتُجاهد في سبيل الله. قلت: يا رسول الله! كُلاًّ نطيق إلا اثنتين فلا أطيقهما: الزكاة، والله ما لي إلا عَشْر ذَوْد [الذود من الإبل: ما بين الثنتين إلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث إلى العشر] هُنَّ رِسْلُ [بالكسر ثم السكون: اللبن] أهلي وحَمُولتهن [بالفتح: ما يحتمل عليه الناس من الدواب سواء أكانت عليها الأحمال أم لم تكن، وبالضم: الأحمال]، وأما الجهاد ؛ فإني رجل جبان، ويزعمون أنَّ من وَلَّى فقد باءَ بغضبٍ من الله، وأخاف إن حضر القتال أن أخشع بنفسي فأفرَّ فأبوء بغضب من الله، فقبض رسول الله يدهُ ثم حرَّكها ثم قال: يا بشير! لا صدقة ولا جهاد فبم إذاً تدخل الجنة ؟! قلت: يا رسول الله! ابسط يديك أُبايعك فبسط يده ، فبايعته عليهن) [أخرجه الإمام أحمد، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" رجاله موثوقون ج1/ ص42.
[7] مسند إسحاق بن راهويه قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : حَدَّثَنَا الزِّيَادِي ، قَالَ : نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ ، قَالَ : نَا مُحَمَّدُ بْنُ طَحْلاءَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَكْلِفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ ، وَإِنْ قَلَّ " . رقم الحديث: 112.
[8] .رواه البخارى
[9] .سورة الفتح ( 10 )
[10] سورة الإسراء (34)
[11] " سورة النحل الايات 91 – 97 "
[12] سورة البقرة :152
[13] انظر كتاب التبيان في تفسير القرآن تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي. تحقيق وتصحيح:أحمد حبيب قصير العاملي ج2 دار إحياء التراث العربي ص31.
[14] روى مسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): "أَحبُّ الكلام إلى الله  تعالى  أربع، لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"[ صحيح مسلم (رقم:2137).]، ورواه الطيالسي في مسنده بلفظ: "أربع هنَّ من أطيب الكلام، وهنّ من القرآن، لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"[ مسند الطيالسي (ص:122)].

[15] رواه مسلم رقم43وبالبخارى بالرقم6542.
[16] شذرات الذهب ج2 ص138.
[17] سورة البقرة/165
[18] سورة آل عمران:31
[19] سورة الاحزاب :21
[20] سورة البقرة: 195
[21] سورة آل عمران:134
[22] سورة آل عمران: 148
[23] سورة البقرة/1-5
[24] - الصبر لغة: قال ابن فارس في مادة صبر: الصاد والباء والراء أصولٌ ثلاثة: الأول الحبس، والثاني أعالي الشيء، والثالث جنسٌ من الحجارة.فالأول: الصبر وهو الحبس. يقال: صَبْرتُ نفسي على ذلك الأمر، أي حبستُها. والمصبورة المحبوسة على الموت. وأما الثاني فقالوا: صُبْر كلِّ شيء أعلاه. وأما الأصل الثالث فالصُّبرة من الحجارة: ما اشتدَّ وغلُظَ (معجم مقاييس اللغة. تصنيف أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395هـ) تحقيق عبدالسلام محمد هارون. دار الجيل- بيروت. الطبعة الأولى 1411هـ/1991م. 3/329.). أما تعريف الصبر اصطلاحاً: عرَّفه المُناوي بقوله: هو قوة مقاومة الأهوال والآلام الحِسِّيَّة والعقلية (الإفصاح في فقه اللغة. تأليف حسين يوسف موسى وعبدالفتاح الصعيدي. دار الفكر العربي. الطبعة الثانية 1/661.
[25] من كتاب: “مختصر منهاج القاصدين ص 317 - الإمام أحمد بن قدامة المقدسي: قد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة، وكلحم على وضم، وهذا ظن الجهال، فإن ذلك حرام في الشرع. والشرع قد أثنى على المتوكلين، وإنما يظهر تأثير التوكل في حركة العبد وسعيه إلى مقاصده، وسعى العبد إما أن يكون لجلب نفع مفقود كالكسب، أو حفظ موجود كالادخار، وإما لدفع ضرر لم ينزل، كدفع الصائل، أو لإزالة ضرر قد نزل، كالتداوي من المرض.
[26] سورة آل عمران/159
[27] سورة الشورى/25
[28] فالتواب من أسمائه سبحانه الشريفه فهو الذي يسر أسباب التوبة لعباده مرة بعد أخرى بما يظهر لهم من العبر والآيات ، وبما يقذف في قلوبهم من محبة الإنابة إليه ، وبما يريهم من غوائل المعاصي، وآثار السيئات ، فتنكسر حينئذ قلوبهم ، وتندم له أفئدتهم ، وتذل جوارحهم ، وتستغيث ألسنتهم بربها مناديةً له قال تعالى : { وَعَلَى الثلاثَةِ الذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِن اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}سورة التوبة:118.
[29] تفسير القرآن: كتاب فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية/محمد بن علي بن محمد الشوكاني: وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبخاري ، في تاريخه وابن جرير ، والبغوي في معجمه والطبراني وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة عن محمد بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال : لما أتى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المسجد الذي أسس على التقوى مسجد قباء فقال : إن الله قد أثنى عليكم في الطهور خيرا أفلا تخبروني ؟ يعني قوله تعالى : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين فقالوا : يا رسول الله إنا لنجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء ، ونحن نفعله اليوم . ومعنى محبتهم للتطهر : أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه عند عروض موجبه ، وقيل : معناه : يحبون التطهر من الذنوب بالتوبة والاستغفار ، والأول أولى
[30] سورة التوبة:108
[31] سورة النساء:65
[32] سورة الملك: 2
[33] مدد في اللغة  : عون وغوث "،فى الاصطلاح ورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد مددنا القوم، أي صرنا لهنا أنصارا ومددا.وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم.. والمدد: العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددا(لسان العرب مادة (م د د )). وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى: أمددته بمدد: أعنته وقويته به(المصباح المنير مادة (م د د).). يختلف معنى كلمة (مدد) باختلاف نية قائلها فإذا قال المسلم: مدد يا الله أي أعنِّي وأمدَّني بقوتك وانصرني على عدوك وزدني بالرحمات والبركات وأمدني بالمقدرة على طاعتك ومحاربة نفسي وشيطاني.، وأما إذا قال: مدد يا أولياء الله فمعناه: علمونا مما علمكم الله وأمدونا مما أمدكم الله سبحانه به من العلوم والعرفان وساعدونا بما ينفعنا لسيرنا وأرشدونا في سلوكنا إلى محبة الله بإذن الله.
[34] سورة آل عمران 31.
[35]  حديث القدسى رواه البخاري.
[36] سورة محمد: 7
[37] سورة العنكبوت: 69
[38] سورة البقرة:: 143
[39] سورة الاسراء 35
[40] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ"( متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من تبرأ لدينه» حديث (52)).و قال عليه الصلاة والسلام "إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلا إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ"( أخرجه مسلم في (2564).)
[41] الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد ، ولهذا قال بعض أهل العلم: صلاة بلا خشوع ولا حضور جثة هامدة بلا روح .
[42] المعجم الصغير للطبراني- سليمان بن أحمد الطبراني
[43] عن كتاب التذكرة في الوعظ لأبن الجوزي

[44] رواه ابن المبارك في الزهد بإسناد حسن وروي من طرق أخرى
[45] مسند أحمد بن حنبل
[46] سورة البقرة:194
[47] سورة الاحزاب: 71
[48] سورة المائدة:27
[49]  سورة الأحزاب: 35.
[50] سورة النحل  :97.
[51] سورة الأحزاب:72- 73.
[52] سورة آل عمران:104.
[53] في سورة التوبة:71.
[54] سورة المائدة: 78-79.
[55] هذا بيت في إحدي قصائد الشاعر الكبير حافظ ابراهيم ، وهي قصيدة تسمي العلم والأخلاق ..
[56] صحيح ابن حبان رقم الحديث: 2255.
[57] رواه البخاري (ح858). جاء في حديث واحد (حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله " لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن ( ففي سنن أبي داود (ح567), ومسند أحمد (ح5471) وغيرهما بسند صحيح ".
[58] شرح النووي على المهذب ج4/484.
[59] رواه مسلم ( ح 2173 ).
[60] الموطأ للإمام مالك بن أنس صاحب المذهب رواية يحيى (2/934).
" سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
[61] الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (ج9/ص251).
[62] الأوسط (ج2/401)- الإمام المجتهد ابن المنذر.
[63] سورة الانبياء:25
[64] سورة الاعراف:6
[65] سورة فاطر:24
[66] قال تعالى: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) [الجمعة: 2]. كان عليُّ بنُ أبي طالب صلى الله عليه وسلم إذا وصَفَ النبي (ص) قال: ”... أَجْوَدُ النَّاسِ كَفًّا وَأَشْرَحُهُمْ صَدْرًا وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ“ رواه الترمذي. وإذا كنتَ فاتحاً غالباً تأسيتَ به (ص) في عفوه وصفحه عندما قال لأهل مكة يوم الفتح الأعظم: ”يامعشرَ قريش ويا أهلَ مكةَ ما تَرَوْنَ أني فاعِلٌ بكم؟ قالوا: خيراً أَخٌ كريم وابنُ أخ كريم“ ثم قال: ”اذهبوا فأنتم الطُّلَقاء“ تاريخ الطبري . أَلاَ لَيْتَ العالمَ الذي يَدَّعِي الحريةَ والتحَضُّرَ والغَيْرةَ على حقوق الإنسان يعْرِفُ كيف عاملَ النبي الفاتح رضي الله عنه المغلوبِينَ، وكيف أمَرَ جنودَهُ وقوادَهُ أن يستوصوا بالأسرى خيراً . ولهذا استحقَّ أن يقول الله - تعالى - في حقِّه:   ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [التوبة: 128].

ليست هناك تعليقات: