بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 سبتمبر 2014

كتاب عابد الله أزرق طيبة - 4 حلق الذكر ومجالسه



الفصل الرابع
حلق الذكر ومجالسه

تعريف الذ كر في اللغة :

       الذكر[1] بكسر الذال مصدر(ذكر  يذكر) فهو( ذاكر)، ومعناه لغة:( الحفظ ) وحقيقة (الذكر) ان يكون محله القلب، لأنه ضد النسيان ، نقول( ذكره بعد النسيان ذكرا) قال تعالي (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ)[2]، وقال عز وجل:(وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)[3]، واما (الذكري) فهي اسم علم للمصدر الذي هو(الذكر) و(التذكير) (التذكر) ومنه قوله تعالي: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ)[4] ، وقوله تعالي (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى)[5] ، أي العظة والعبرة وقيل في معني الأولى: القرآن أي فان القرآن ينفع المومنين وقيل في معني الثانية: التوبة أي: من اين له التوبة؟  فان القرآن تذكرة لمن يخشي أي: عظة وعبرة ، ومثل قوله تعالي : (فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ)[6]، أي: مالهم معرضين عن الذكر؟ وهو العظة يريد القرآن أو غيره من المواعظ بدليل قوله تعالي بعد ذلك (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ)[7]، وكلا ردع لهم عن أعراضهم عن (التَذْكِرَةٌ) وقوله تعالي (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) أي: جعله نصب عينه، فان نفع ذلك راجع اليه والضمير في قوله(انه) وقوله(ذكره) للتذكرة التي اعرضوا عنها ن فإنما ذكرت ، لأنها بمعني(الذكر)، أو القرآن.
 الذكر في القرآن الكريم :
       وأما الذكر في القرآن الكريم فله استعمالان: أحدهما يكون فيه إِسما،      وأخر يكون فيه مصدرا .
      أ- فأما الذكر الذي هو اسم فله معنيان: الأول الشرف، والصيت: نقول لفلان ذكر في الناس: أي له شرف وصيت، ومنه قوله تعالي: (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ)[8]، أي: فيه شرفكم. والثاني: (الكتاب فيه تفعيل الدين ، وضع الملل، ويراد به القران الكريم فمن الأولى قوله تعالي: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ)[9]، أي هذا قرآن مبارك قال الرازي (وبركته كثرة منافعه وغزارة علومه، مثله قولة تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[10]، من الثاني قوله تعالي: (فَاسَلُوا أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[11].
      ب-  وأما الذكر الذي هو مصدر فهو ضرب من العباده بل يتضمن العبادات كلها - كما أشرنا فى اذكار البيعة - ويشمل كل ما يخطر في القلب، ويجري علي اللسان من تهليل، أو تسبيح، تحميد، تكبير، وحوقلة وتلبيه ودعاء ونحوها، بل هو عام في كل ما يخطر من طاعة الله تعالي وكل عمل يقصد به فاعله وجه الله تعالي فهو ذكر الله، ولهذا كان ذكر الله تعالي أحد نعمه التي تفضل بها علي عباده، ومن هنا نري القرآن الكريم يحض كثيرًا علي ذكر الله عز وجل في جميع الأحوال التي يكون عليها الانسان، وكل الأوقات، التي يمر بها، وقد ربط القرآن بين تلك الأحوال والأوقات، وبين الذكر لتكون مذكرة بذكر الله ومنبهة للاتصال به حتى لا يكون الانسان من الغافلين ومن ذلك قوله تعالي: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ)[12]، وقوله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا)[13].
     وكل طاعته تدعو إلي الحضور مع الله والاخلاص له والخشية منه فهي من الذكر، بخلاف إِذا كانت مع غير ذلك .
بيان أذكار الطريقة
      لابد للمسلم من غذاء روحي يومي، هذا الغذاء يثمل بالقيام بالفرائض والواجبات اليومية والمداومة على ما يمكن من المندوبات بالقدر والاستطاعة الذي يعطي القلب إِحتياجاته من الغذاء والدواء والذي يكون به المسلم في ترق دائم ... هذا هو الورد اليومي الذي ينبغي أن يلاحظ فيه أن يجعل له حدًا ادنى لابد أن يؤديه ... والشيخ عبدالله يدل على ما ينبغي فعله لكل بما يناسب حاله وهمته ووقته، عملا بالحديث الصحيح للسيدة عائشة رضي الله عنها انها روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (خذوا من الاعمال ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا وان أحب الاعمال إلي الله ما دام وان قلّ)[14]، وفي رواية عنها: (وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ)[15]، وهذا يدل على أن هنالك أعمالا معينة كان فيها نوع من الالتزام اليومي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. كما أن قوله عليه الصلاة والسلام: (خذوا من الاعمال ما تطيقون) يشير إلي أن المسلم ينبغي أن يرتب لنفسه عملا يوميا في حدود طاقته، وقوله عليه الصلاة والسلام:(انه ليغان على قلبى حتى استغفر الله في اليوم مائة مرة)[16]، وملازمته صلى الله عليه وسلم أوراده اليومية وهو أسوة كل مسلم، فالاوراد اليومية في حياة المسلم هي زاده اليومي الذي لا ينبغي أن يهمله. ومن هنا جاء تحديد الاعداد فى الذكر ونفصله فيما يلى:
 تحديد العدد فى الذكر:
   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أحبُّ الأعمال إلى الله ادْوَمُها واِنْ قَلَّ)[17] ومن البين، أن من داوم على قدر من الذكر، لا بد أن يكون معلوما محدودا. ولذلك قال   صلى الله عليه وسلم: (وإن قَلَّ).
     فمن صلى عشرين ركعة في ليلة، وعشرًا في ليلة أخرى، وأربعًا في غيرها مثلا، فالأربع التي داوم عليها، هي أحب الأعمال الى الله. والقدر الذي لم يداوم عليه، عمل محبوب فقط .
     ومن داوم على أربعة من أول الأمر، فقط أتى العمل الأحب إلى الله عز وجل.  وهذا التحديد، موكول إلى كل عامل، بحسب ما يرى، مما لا يشق عليه.  والناس في ذلك تتفاوت إِستطاعاتهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أكْلَفُوا مِنَ الأعمال مَا تُطِيقونَ، فانَّ الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا)[18].
    فوكل صلى الله عليه وسلم، كلا إلى طاقته وهو بها اعرف. فمن حدد لنفسه قدرًا من العبادة تسهل المداومة عليه، وداوم عليه بالفعل، فقد نص صلى الله عليه وسلم على أنه قد جاء بأحب الأعمال إلى الله عز وجل. ومن وافقت طاقته طاقة أخ له فعمل مثل عمـله مختارًا، فلا حرج عليه، فالأمر واسع. ولا ينبغي أن يلتفت إلى من خالف المصطفى صلى الله عليه وسلم، وزعم أن مثل هذا التحديد ممنوع، فهو خطأ مردود. وإنما البدعة مالا إذن للشارع فيه. وهذا قد جاء الإذن فيه من الشارع. والحجة كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم، لا كلام سواه. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللّيلِ أو عنْ شيء مِنْهُ، فَقَرأَهُ ما بينَ صَلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظُّهرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّما قَرَأَهُ من اللّيل)[19]. وفي هذا الحديث الشريف، الحض على قضاء ما عود المرء نفسه من العبادة (ورده اليومى)، حتى تنصبغ نفسه بحب المثول في حضرة مولاه سبحانه.
    الأذكار عقب الصلوات المكتوبة:
    ورد الكثير من الاحاديث النـبوية التي تتحدث عن فضل القرآن وخصائص وأفضلية بعض سوره وآياته وعباراته نذكر  منها ما تم تحديده كأذكار أساس عقب الصلوات المفروضة لسالكى الطريقة القادرية اعلاه : -
أولا: خاتم الصلوات:
- اللهم أنت السلام ومنك السلام واليك يرجع السلام فحيّنا ربنّا بالسلام وأدخلنا الجنّة دارك دار السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والاكرام.
- أستغفر الله العظيم 3 مرات
- سورة الفاتحة
- آية الكرسى
- (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ*فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ).
- سورة الاخلاص 3 مرات
- المعوذتين مرة واحدة
- اللهم صلّ وسلّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه بقدر عظمة ذاتك فى كلّ وقت وحين اللهم أرزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين واذا أردت بعبادك فتنة فأقبضنا اليك غير مفتونين.
ثانيا: الباقيات الصالحات
    جاء في السنن ان الباقيات الصالحات هي: (سبحان الله، الحمد لله،  ولا اله الا الله، الله اكبر)، وتسميتها بالباقيات لانها أوصاف لذات الله الذي لا ينسخ وجوده عدم، ولا يقطع بقاءه زوال، وصفة الخالد خالدة معه. وكونها صالحات لانها ضمان لفلاح قائلها، وضياء يتألق بين يدي المؤمن يوم اللقاء الاخير .
    وقد وردت عبارة الباقيات الصالحات فى القرآن في موضعين: قوله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)[20] وقوله جل شأنه: (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا. وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً)[21].
    وجاء فى الحديث: عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من الاعراب، فقال: يا رسول الله إنِّي لا أستطيع أن أتعلّمَ القرآنَ، فعلِّمني شيئاً يُجزيني." قال: "تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله". فقال الأعرابي: هكذا - وقبض يديه - فقال: "هذا لله، فمَا لي؟" قال: "تقول: اللّهمّ اغفر لي وارْحمني وعافِني وارْزقني واهْدِني"، فأخذها الأعرابيُّ وقبض كفّيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما هذا فقد مَلأَ يديه بالخير")[22].
     ونذكر الباقيات الصالحات: (سبحان الله 33 مرة والحمد لله 33 مرة والله أكبر 33 مرة)، عقب الصلوات المفروضة: عَنْ أَبِي ُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (َمنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صلاة ثلاثا وَثَلاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَد البحر)[23]، و لنتدبر معاني هذه الكلمات: سبحان الله والحمد لله ، والله اكبر.
 سبحان الله:
   التسبيح هو أن يقول المسلم: "سبحان الله"، وألفاظ التسبيح متعددة متنوعة، ومعناه: التنزيه عن النقائص والعيوب، فإذا قال العبد: "سبحان الله"، أي: تنزيهاً لله، عن كل نقص وعيب، عن الشريك والولد والصاحبة وغير ذلك، مما نسبه إليه الجاهلون والمفترون كما قال تعالى:( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا)[24]، ولكن لا ريب أن التسبيح نوع من التعظيم؛ لأنه مدح في نفي النقائص والعيوب، ولهذا جاء في ألفاظ التسبيح سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
       التسبيح العملي للناس يقوم على ربط الافعال  بما ينبغي لله من كمال،     أى تحول التسبيح من قول باللسان إِلى شعور في القلب إِلي رفعه وسلوك - أن يضبط المسلم مشاعره في السراء والضراء ، ويربطها بمشيئة الله فأن أصابه شر لم يسخط على الزمان ويسب الايام !! فما الزمان ؟ انه ظرف- وحسب - للاحداث التي يسوقها القدر الاعلى. والمؤمن يستكين لله إِذا وقع به ما يكره ويقول: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[25]. أما التبرم باليالي السوء فهو من سوء الادب مع الله، ومن إتهامه – سبحانه- لا يسوغ .
   الحمد لله:
     الحمد فهو قول العبد: "الحمد لله"، وقد حمد الله نفسه وعلَّم عباده ليحمدوه، وأمرهم بحمده:( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا)[26]، وهو: الثناء على الله لصفات كماله، أي: أنه تعالى له الحمد كله؛ لأنه الموصوف بجميع المحامد، فله الحمد على ما له من الأسماء والصفات، وخلق المخلوقات، والشكر نوع من الحمد، وقد قال بعض أهل العلم أن الحمد والشكر معناهما واحد ، الشكر يختص بما كان في مقابل نعمة، والحمد أعم من ذلك يكون في مقابل النعمة وغيرها، فله الحمد سبحانه وتعالى على كل حال على السراء والضراء والعطاء والمنع، وله الحمد على كل أقداره وعلى كل شرائعه فله الحمد على خلقه وأمره: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[27]. وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نماذج رائعة لحمد الله بالغدو والآصال. فمما اثر عنه صلى الله عليه وسلم انه كان إذا  صحا من نومه قال:(الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ)[28].     ويكفي في مديح الله أن نذكره، فان آفة البشر تجي من الجهل والنسيان .
      في سورة الرحمن تطواف سريع بالعالم من بدئه إِلى منتهاه، وعرض لاحوال الخلق منذ اتجه إِليهم التكليف إلى أن لاقوا ما يستحقون من جزاء . ولما كانت السورة فى نحو صفحتين ، فإِن هذه الرحلة العاجلة سجلت إيماءات فقط إلى آيات الله ونعمه. وبين كل  إيماءة وأخرى يقول الله للانس والجن في تساؤل حافل بالملام والتقريع :( فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)[29].
    وجاء في (صفوة البيان لمعاني القرآن): عددّ الله في هذه السورة كثيرًا من نعمائه، وذكر خلقه  بعظيم من آلائه، ثم أتبع كل خلة وصفها ونعمة وضعها بهذه الآية الكريمة، فذكرها في واحد وثلاثين موضعًا، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين لينبههم إِلي هاتيك النعم ويقررها بها، ويقيم عليهم الحجة عند جحودها.
الله أكبر:
     عندما يرددها المؤمن فهو يقصد أمرين:                          
أولها :احقاق الحق وإبطال الباطل، فانه فى واقع الامر لايوجد غير إله واحد هو الله الواحد القهار، وما عداه وهم عقول مختلة، أوخداع حواس معتلة.
        والاخر: ضبط السلوك البشرى داخل نطاق هذا التوحيد، فيكون إستنصار الانسان بالله، وإسترزاقه وتوكله وأمله وأمنه وغير ذلك من المعانى .
       وهذا أمر يحتاج إلى ايضاح ، فإن الله خبأ مفاتيح قدرته تحت جملة من الاسباب العادية، سواء أكانت هذه الاسباب كونيه أو انسانية،  والمسلم حين يباشر هذه الاسباب – ولا بد من مباشرتها - لايجوز أن يحتجب عن الحقيقة العليا، ولا أن يظن مردّ الامور إليها، فإن الله محيط بالاشخاص والاشياء، وهو الذى يمنح هذه الوسائل صلاحيتها للعمل، وقدرتها على الانتاج .
      ولذلك يجب أن تمتد أشعة التوحيد المطلق فى أرجاء النفس، فلا تجعل شيئا ما يحول بين المرء وربه. ويجب أن يشعر من أعماق قلبه ان ما دون الله هباء، فلا يرعه سطوة سلطان، ولا تخدعه ثروة غنى.
ثالثا: أذكار الاساس:
   بعد الفراغ من ذكر خاتم الصلوات والباقيات الصالحات بأعدادها وقبل القيام من موضع الصلاة ينتقل الى ذكر أذكار الاساس وهى: (الإستغفار مائتان، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مائتان، لا إله إلا الله مائتان ، والله الله مائتان، والأسماء الحسنى مرة واحدة). ولهذه الاذكار أدلتها من الكتاب والسنة نوردها فيما يلى:
   أستغفر الله: 
      فذكر (الإستغفار) عقب كل صلاة لأن ربما يظلم الإنسان نفسه بإرتكاب ذنب فى أى لحظة من لحظات الليل والنهار فألزم بالإستغفار عقب الصلوات الخمس إمتثالاً لقوله  تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)[30].
الصلاة على النبى:
     وذكر( الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم) إمتثالاً لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )[31] وقوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات)[32].

لا إله إلا الله :
      وذكر (لا إله إلا الله) إمتثالاً لقوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وقوله صلى الله عليه وسلم: (وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي:"لا إله إلا الله، وحده لا شريك له)[33] وقوله صلى الله عليه وسلم :( يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ)[34] . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير)[35].
الله الله الله:
   وذكر لفظ الجلالة (الله) لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَنَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ. )[36] وقوله تعالى : (قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)[37].
أسماء الله الحسنى:
    وفى ذكر [أسماء الله الحسنى] إمتثالاً لقوله تعالى: (وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )[38]، وقوله صلى الله عليه و سلّم: (عنْ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ ، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)[39] وفى رواية من حفظها دخل الجنة .
   والذى يواظب على هذا الأساس دبر الصلوات الخمس يعد من الذاكرين الله كثيراً، وجاءت المواظبة على هذا الأساس عقب الصلوات إمتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بما تطيقون فالله لا يمل الله حتى تملوا ، وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه )[40] .
الأذكار والأوراد اليومية:
        بالاضافة لأذكار الاساس نجد الشيخ عبد الله يوصى المريد بالمداومة على الأذكار اليومية (أوراد الطريقة القادرية للسالك البادىء) ويعمل بها كل حسب طاقته وبالاعداد المحددة لكل صيغة، ويستعان ب(السبحة)[41] كآلة للذكر لضبط العدد، اتفقت المذاهب الأربعة على جواز اتخاذ السبحة والذكر بها، وإن الأولى الذكر بالأنامل إلا لمن خشي عدم ضبط العد فالسبحة أولى وزاد بعضهم: إذا كانت ستذكره بذكر الله فهي أولى أيضا، والإنسان قل أن يراها إلا ويذكر الله وهذا من أعظم فوائدها وبذلك كان يسميها بعض السلف.
      ومن فوائدها أيضا الاستعانة على دوام الذكر كلما رآها ذكر أنها آلة للذكر فقاده ذلك إلى الذكر فيا حبذا سبب موصل إلى دوام ذكر الله عز وجل وكان بعضهم يسميها حبل الموصل وبعضهم رابطة القلوب. ... ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون ذلك مكروها وقد رؤي بعضهم يعد تسبيحا فقيل له أتعد على الله فقال لا ولكن أعد له والمقصود أن أكثر الذكر المعدود الذي جاءت به السنة الشريفة لا ينحصر بالأنامل غالبا ولو أمكن حصره لكان الاشتغال بذلك يذهب الخشوع وهو المراد والله أعلم.


بيان أوراد الطريقة القادرية العركية للسالك البادىء

صيغة الذكر
العدد
1
سورة الفاتحة
121مرة
2
آية الكرسى
11- 50- 70-مرة
3
سورة يس
مرة(صباحا ومساءا)
4
سورة الاخلاص
100- 313مرة
5
حسبنا الله ونعم الوكيل
450مرة(صباحا ومساءا)
6
عزيز كافى قوى لطيف
450مرة(صباحا ومساءا)
7
اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه
1000مرة
8
أستغفر الله
700- 1700مرة
9
لا اله الا الله
1000مرة
10
الله الله الله
1000مرة
11
يا لطيف
129مرة عقب الصلوات
12
قراءة جزء من القرآن
يوميا
  
 ورد الكثير من الاحاديث النـبوية التي تتحدث عن فضل القرآن وخصائص وأفضلية بعض سوره وآياته نذكر  منها ما تم تحديده كأوراد وأذكار فى اليوم والليلة لسالكى الطريقة اعلاه : -
   1- القُرْآنِ الكَرِيمِ  :
      القرآن الكريم هو دستور الشريعة الاسلامية الذي أنزله الله سبحانه وتعالي بلسان عربي فصيح بوحي منه الي نبيه فهو كلام الله وجميع ألفاظه نورانية مستمدة نورانيتها من نور الله عز وجل، ولغته في غاية الفصاحة واعلاه مراتب البلاغة.
أسماء القرآن الكريم:
      أورد القرآن الكريم لنفسه بين اياته أسماء بالعشرات هي: الفرقان، الكتاب، النور، التنزيل، الكلام، الحديث، الموعظة، الهادي، الحق، البيان، المنير،
الشفاء، العظيم، الكريم، المجيد، العزيز، النعمة، الرحمة، الروح، الحبل،
القصص، المهيمن، الحكم، الذّكر، السراج، البشير، النذير، التبيان، العدل،
المنادي، الشافي، الذكرى، الحكيم
      وقالوا أسماء اخرى للقرآن الكريم منها الميزان وأحسن الحديث والكتاب
المتشابه المثاني وحق اليقين والتذكرة والكتاب الحكيم والقيم وابلغ الوعّاظ، قال تعالي ("أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا ")[42] وقال تعالي: ("وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ")[43] وقال تعالي: ("وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)[44].
القصص القرآنية[45] :
اشار القرآن الكريم الى قصص الانبياء عليهم السلام واقوامهم بهدف العبرة
والاعتبار، وقد ذكر الكتاب العزيز اسماء خمس وعشرون نبيا مع قصصهم وهم: محمد، آدم، ابراهيم، اسماعيل، الياس، ادريس، ايوب، عيسى، موسى،نوح، لوط، يوسف، يعقوب، يوشع، هود،! يونس، صالح، شعيب، داوود، يحيى، زكريا، ذو الكفل، سليمان، هارون ، اسماعيل صادق الوعد.
       وزيادة علي ما تحتويه آياته البينات من تشريع فانها تحتوي كذلك علي أعظم الفوائد وأحسن اللطائف وأكمل الخفايا وأفضل الخصائص وأكثر المنافع وأبهي المزايا ولا يمكن الوصول الي كنه أسراره العجيبة ومعانيه العديدة وفوائده الكثيرة وفضائله العظيمة - قال تعالي (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ )[46].
وصف القرآن الكريم لنفسه:
1- (قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)[47].
2- (هَذَا بَيَان لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَة لِلْمُتَّقِينَ)[48].
3- (. الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )[49] .
4- (طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى)[50].
5- (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِيْنَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِيْ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[51].
6- (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[52].
7- (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ  أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ  قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[53].
 2- سورة الفاتحة :
هى أعظم سورة في القرآن، وهي (السبع المثاني)[54] والقرآن العظيم كما ورد فى  الحديث الذى أخرجة البخاري عن أبي سعيد بن المعلي قال: كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه قلت يارسول الله أني كنت اصلى، قال صلى الله عليه وسلم: (الم يقل الله سبحانه وتعالي " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ " ؟ ثم قال: لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج) فاخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت: يارسول الله انك قلت: ( لاعلمنك أعظم سورة في القرآن) قال:( الحمد الله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أو تيته )[55] . قال بعض أهل الخواص في فضائل الفاتحة:
اذا ماشئت ان تضحى غنيا وعنك الفقر والاقلال يذهب
                 ففاتحة الكتاب لا تدعها فمن اسرارها مامنه تعجب
فلا تترك تلاوتها بليلٍ فأسباب الامور بها تسبب
                 بها تعطي القبول بكل شئٍ وعنك شدائد الايام تذهب
فاياك التساؤل والتواني ففيها من مرادك كل مطلب
                  وللتأليف والتفريق منها حروف في مهم الامر تكتب
حروف النور للتأليف منها بها كل القلوب اليك تجذب
                       وللتفريق تكتب ما سواها فهذا كله صدق مجرب
تطول بها على النظرا محلا جميعهم من احداث وشيب
                         ومبلغ عدها الف يقينا ومن الفي عدوا انت اغلب
واعلام السرور اليك تاتي بما ترضى به واليك ترغب
                         وتلبس ثوب عافية وسعد وتصبح من اسود الغاب اغلب
وتحمى كل حادثة وتكفى بها من كل ما تخشى وترهب
   3- آية الكرسي:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ)[56].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏في آية الكرسي: (إنها سيدة آيات القرءان)[57]، وذلك لما إحتوت عليه من المعاني العظيمة التي فيها توحيد الله تبارك و‏تعالى وإثبات علم الله المحيط بكل شىء وأنه لا أحد سواه يحيط بكل شىءٍ علماً وإثبات أن الله تعالى لا يعتريه عجز ‏ولا سِنة أي نعاس  ولا نوم.
    و قد سئل بعض العارفين عن الخالق فقال للسائل: إن سألت عن ذاته فليس كمثله ‏شىء وإن سألت عن صفاته فهو أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد وإن سألت عن إسمه فهو الله ‏الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم وإن سألت عن فعله فكل يومٍ هو في شأن أي أن الله ‏يغير أحوال العباد بمشيئته الأزلية التي لا تتغير.
      ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل آية الكرسي أنه قال يوماً لأحد الصحابة: (يا أبا ‏المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره و قال صلى الله عليه وسلم:" ليهنأك العلم أبا المنذر")[58].
4- سورة يس:
     وقارىء سورة يس يرى أن فواصلها سريعة قصيرة، تحشد للانسان مشاهد كبارا من الطبيعة والكون لترسيخ عقيدة التوحيد فى الأذهان. وهى تفصل عواقب المكابرين المعاندين الكاشحين من انكار دعوة الحق، وبالمثل عاقبة المؤمنين المتقين المخبتين المسارعين الى المغفرة والرضوان.
     ويتجلى فيها عظمة الجزاء الالهى الاوفى لمن مات فى اشرف واقدس مجال، الا وهو مجال الدعوة الى الله، وتوحيده ، وتصل أعظم مواقف الاثارة العاطفية الانسانية عندما يعظ حبيب النجار بعد موته اعداءه الذين قتلوه، فيقول (يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ*بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ )[59] فقد وعظهم حيا، ولم ينفك يعظهم بعد موته.. انها أخلاق اهل الفضل المبرورين الخلصاء. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :(لكل شىء قلب وقلب القرآن يس، من قرأ" يس" كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات)[60].
  5- سورة الاخلاص :
     أخرج البيهقي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال أتى رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم جبريلُ صلى اللّه عليه وسلم وهو بتبوك فقال‏:‏ ‏"‏يا مُحَمَّدُ‏!‏ اشْهَدْ جَنازَةَ مُعاوِيَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ المُزَنِيّ، فخرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ونزلَ جبريلُ عليه السلام في سبعين ألفاً من الملائكة، فوضعَ جناحَه الأيمن على الجبال فتواضعتْ ووضع جناحَه الأيسر على الأرضين فتواضعت، حتى نظرَ إلى مكة والمدينة، فصلَّى عليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجبريلُ والملائكةُ عليهم السلام؛ فلما فرغ قال‏:‏ يا جبْرِيل‏!‏ بِمَ بَلَغَ مُعاوِيَةُ هَذِهِ المَنْزِلَةَ‏؟‏ قال‏:‏ بِقِرَاءَتِه‏:‏ قُلْ هُوَ اللّه أحَدٌ قائماً وَرَاكباً ومَاشياً‏"‏‏‏)[61]. وأخرج الطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مِائَةَ مَرَّةٍ فِي الصَّلاةِ أَو غَيْرِهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ)[62]
  6- حسبنا الله ونعم الوكيل:
     كلمة عظيمة تحوي عظيم المعاني وروعة المضمون وذات تأثير قوي فهي تعني توكيل كل الحول والقوة له سبحانه، هذه الكلمة قيلت من قبل الأنبياء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ "[63]، قالها إبراهيم صلى الله عليه و سلّم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له:     " إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل")[64].
    هؤلاء هم الأنبياء صفوة الله لم يلجئوا إلا لله في أمورهم وترديد هذه الكلمة !!. أما نحن متى نقولها ؟؟! - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى ظلم الأشخاص لبعضهم - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى التشرد والمجاعات - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى الطغاة يسعون في الأرض الفساد على البلاد الإسلامية - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى الدخيل في عقر دارنا ولم نحرك ساكنا - حسبنا الله ونعم الوكيل حين تتراكم علينا الهموم والكروب - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى ضياع شباب المستقبل - حسبنا الله ونعم الوكيل حين نرى عقوق الوالدين
 معنى حسبي الله: أي يكفيني الله تعالى عن غيره في الرزق، والنصر, والعون، واللطف، والرحمة، والوقاية ... وغير ذلك.
والوكيل: هو من يوكله الإنسان ليقضي له أمراً، وكلما كان الوكيل قوياً, أميناً، فطناً، حكيماً، كان قضاء الأمر أفضل وأكمل.
ومعنى نعم الوكيل: أي: من أفضل من الله وكيلاً في نصرتي؟، ومن أعظم وكيلاً من الله في قضاء حاجتي؟ ومن أقوى من الله وكيلاً في رد كيد الكائدين، وظلم الظالمين؟
    وكلما كان القلب معلقاً بالله, متوكلاً عليه، مستيقناً بحكمة الله، وقدرته، مسلماً لأمره وقضائه، كانت الوكالة أصدق، والتوكل أعظم، والثمرة أطيب ولا ينبغي للمسلم العاقل أن يلتفت إلى النتائج، مهما كانت في نظره في غير صالحه، لأن الله يعلم والإنسان لا يعلم (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، هو حسب من توكل عليه وكافى من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه، وانقطع بكليته إليه، تولاه وحفظه وحرسه وصانه. ومن خافه واتقاه، أمنه مما يخاف ويحذر، ويجلب إليه ما يحتاج إليه من المنافع .
7- عزيز كافى قوى لطيف:
     أسماء الله الحسنى: هي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وصفات كمال لله ونعوت جلال لله، وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله  يدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها.
    سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو إستأثر الله بها في علم الغيب عنده. لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله، لا يعلمها كاملةً وافيةً إلا الله.
    فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها فليس في الأسماء أحسن منها ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرا بمرادف محض بل هو على سبيل التقريب والتفهيم وإذا عرفت هذا فله من كل صفة كمال على رسوله صلى الله عليه و سلّم يوم القيامه وغيرها مما يستحيل على بشر أن يحصيه.
   جاء في مسند أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم (‏‏ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال ‏ ‏اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ‏ ‏ناصيتي ‏ ‏بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا) قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها فقال :(بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها). فما استأثر الله تعالى به في علم الغيب عنده، لا يمكن لأحد حصره ولا الإحاطة به.أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص قال تعالى:(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا)[65].
     يتفق أكثر علماء المسلمين بأن أسماء الله الحسنى ليس لها عدد معين ولا يمكن حصرها والإحاطة بها كاملة لأن منها ما أستأثر الله به في علم الغيب عنده ومنها مايفتح الله به
     جاء في صحيح مسلم ‏عن ‏ ‏أبي هريرة عن ‏عائشة ‏ ‏قالت: ( فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ" )[66].
    جاء في صحيح البخاري ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:( ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي)[67].
   والعزيز اسم من أسماء الله الحسنى ويعني الغالب الذي لا يهزم، وهو اسم يضم ثناياه العديد من الصفات: كالقوة والغلبة والقدرة على كل شيء والقيومية. وهذه العزة تتجلى في العديد من الآيات القرآنية الكريمة منها قوله تعالى: ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )[68].
     فالحق تبارك وتعالى بعزه قوته يحول دون تهدم المساجد والصوامع والبيع.. وبعزة قوته ينصر من يشاء من عباده، ولا يعوقه عن هذا النصر عائق؛ لأنه سبحانه العزيز بقوته التي لا تدانيها قوة. فتبارك ربنا الملك الحق العزيز بقوته، العزيز بقدرته، العزيز بقيوميته وغناه عمن سواه .. فندعوه جل وعلا أن يهبنا من عزته عزا في الدنيا والآخرة .. وندعوه كما علمنا في قوله تعالى:) وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم)[69].
    و(الكافى)[70] من أسمائه تعالى وهو الوكيل الكافي لمن توكل عليه، القائم بأمور العباد، وهو الذي من استغنى به أغناه عما سواه، وهو المتصرف في الأمور حسب إرادته، وهو سبحانه الموكول إليه تدبير أمر كل شيء، قال تعالى:( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)[71]
   و القوى من أسمائه تعالى والقوة لله جميعاً، ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال تعالى:( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً  أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي ... مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً  أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً  وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)[72]. وقد ذكر "القوى" سبحانه تسع مرات في القرآن الكريم، فهو تعالى قوي شديد العقاب. ومادام الإنسان قد آمن بأن العبادة لله وحده والاستعانة بقوة الله جل شأنه، مادام هذا الإيمان قد استقر في القلب وظهر في السلوك، فلابد أن تقف قوة الخالق بجانب العبد المؤمن لينتصر على خصوم الإيمان يقول الحق: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.)[73].
   يجب الإيمان بأن الله حق وغيب، وأنه حاضر لا تدركه الأبصار، وأنه قوي بلا نهاية، بهذا المنطق الإيماني كان  الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواجه قريشاً بكفارها وجهلها وجاهليتها، لقد اختاروا الضلال، واختار الرسول الكريم أن يهديهم إلي التقوى، ولذلك انتصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الملتحم بقوة الحق الأعلى.
     واللطيف من أسمائه تعالى: وهو العالم بغوامض الأشياء، ثم يوصلها إلى المستصلح برفق دون العنف، أو البرّ بعباده الذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين ويهيّىء لهم أسباب مصالحهم من حيث لا يحتسبون، وهو الرفيق بعباده يقال: لطف له يلطف إذا رفق به، ولطف الله بك أي: أوصل إليك مرادك برفق، واللطيف منه .
مجالس وحلق  الذكر:
    كانت مجالس النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله وترغيب وترهيب، إما بتلاوة القرآن، أو بما آتاه الله من الحكمة والموعظة الحسنة، وتعليم ما ينفع فى الدين كما أمره الله تعالى أن يذكر ويعظ ويقص، وأن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يبشر وينذر، وسماه الله [مُبَشّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى الله][74]: والتبشير والإنذار هو الترغيب والترهيب، ذكر أبو هريرة: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَزَهِدْنَا فِي الدُّنْيَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ‏ ‏فَآنَسْنَا ‏ ‏أَهَالِينَا وَشَمَمْنَا أَوْلَادَنَا ‏ ‏أَنْكَرْنَا ‏ ‏أَنْفُسَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ إِذَا خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِي كُنْتُمْ عَلَى حَالِكُمْ ذَلِكَ لَزَارَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللَّهُ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ كَيْ يُذْنِبُوا فَيَغْفِرَ لَهُمْ)[75] فى هذا الحديث ، رقة القلوب والزهد فى الدنيا، والرغبة فى الآخرة.
    وفى مجالس الذكر تنزل الرحمة، تغشى السكنية، تحف الملائكة ويذكر الله أهلها فيمن عنده. وهم القوم لا يشقى جليسهم، فربما رحم معهم من جلس إليهم وإن كان مذنباً، وربما بكى فيهم باك من خشية الله فوهب أهل المجلس كلهم له، وهى رياض الجنة، وقال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا قَالُوا وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ حِلَقُ الذِّكْرِ)[76].
        لذلك نجد الشيخ عبد الله يحرص عليها وهذا عمل يحبه الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد أورد الإمام النووي ما نصه: (اعلم أنه كما يُستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق أهله، وقد تضافرت الأدلة على ذلك، ويكفي في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله: قال: حلق الذكر، فإن لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حِلق الذكر. فإذا أتوا عليهم حفوا بهم)[77]. وروي في صحيح مسلم عن معاوية أنه قال: خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ: " مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ " فَقَالُوا : جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلامِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِ ، فَقَالَ: " آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَلِكَ ؟ " قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَلِكَ، قَالَ: " أَمَا إِنِّي أَسْتَحْلِفُكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَانِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَة)[78]. قال الإمام النووي في شرح الحديث: إن هذا الحديث يدل على:
(1) أن السادة الصحابة رضي الله عنهم أقاموا مجالس الذكر من تلقاء أنفسهم بعد ما علموا مافيها من خير.
(2) أن فعلهم هذا يؤكد أن مجالس الذكر سنة حسنة وإلا ما فعلوها، لما أقرهم عليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
(3) أن من مقاصد مجالس الذكر أنها صورة عملية للاعتراف بفضل الله صاحب الهداية والتوفيق والمنة.
       وروي في صحيح مسلم أيضاعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ( لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَه)[79]. وقال الإمام النووي قوله: (إن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة معناه يظهر لهم ويريهم حسن عملكم ويثني عليكم عندهم، وأصل البهاء الحسن والجمال، وفلان يباهي بما له أي يفخر ويتجمل بهم على غيرهم ويظهر حسنهم)[80].
        وقد قال الإمام فخر الدين: ((أما حلقة الذكر فقد جاءت في كتاب الله تعالى والسنة المطهرة، أما  الكتاب العزيز ففي قوله تعالى { وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَات } بطريق الجمع في كل الآي كما يؤخذ من بيان حضرة من أسند الله تعالى إلى حضرته البيان والتبيين من قوله الشريف ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله عز وجل يذكرون الله إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وفي قوله صلى الله عليه و سلّم :(إن لله ملائكة يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا حلقة تداعوا إليها هلموا إلى حاجتكم حتى يبلغوا العنان) البخاري، ومن قوله الشريف صلى الله عليه وسلم حين دخل مسجده فوجد حلقتين حلقة علم وحلقة ذكر فجلس في حلقة العلم وقال: (إنما بعثت معلما) و الحديث القدسي من قوله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة أنه قال: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأٍ ذكرته في خير من ملئه) والمراد بالملأ الجماعة وهي لا تكون إلا حلقة أو مستطيلة وهي هيئة الحلقة أيضاً وغير ذلك كثير وفي هذا القدر كفاية خشية الإطالة فحلقة الذكر ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع فمن ينكر ذلك فهو بعيد عن هذا أي الكتاب والسنة والإجماع، فمن هنا يظهر أن المجالس التي يجتمع فيها المسلمون لذكر الله تعالى مجالس يباهي الله تعالى بها ملائكته))[81].
    جاء فى(كتاب: لطائف المعارف): (فإذا إنقضى مجلس الذكر ، فأهله بعد ذلك أقسام: فمنهم من يرجع إلى هواه فلا يتعلق بشئ مما سمعه فى الذكر، ولا يزداد هدى، ولا يرتدع عن ردى، وهؤلاء شر الأقسام ، ويكون ما سمعوه حجة عليهم ، فتزداد عقوبتهم ، وهؤلاء الظالمون لأنفسهم: [أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون][82]. ومنهم من ينتفع بما سمعه، وهم على أقسام، فمنهم من يرده ما سمعه عن المحرمات، ويوجب له إلتزام الواجبات، وهؤلاء المقتصدون أصحاب اليمين. ومنهم من يرتقى عن ذلك إلى التشمير فى نوافل الطاعات، والتورع عن دقائق المكروهات، ويشتاق إلى إتباع آثار من سلف من السادات ، وهولاء السابقون المقربون 
       وينقسم المنتفعون بسماع مجلس الذكر فى إستحضار ما سمعوه فى المجلس والغفلة عنه إلى قسمين : فقسم يرجعون إلى مصالح دنياهم المباحة فيشتغلون بها، فتذهل بذلك قلوبهم عما كانوا يجدونه فى مجلس الذكر ، من إستحضار عظمة الله وجلاله وكبريائه ، ووعده ووعيده ، وثوابه وعقابه ، وهذا هو الذى شكاه الصحابة إلى النبى  وخشوا لكمال معرفتهم ، وشدة خوفهم ، أن يكون نفاقاً ، فأعلمهم النبى  أنه ليس بنفاق.
        عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ قَالَ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ قَالَ قُلْتُ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)[83]. ومعنى هذا أن إستحضار ذكر الله بالقلب فى جميع الأحوال عزيز جداً، لا يقدر كثير من الناس أو أكثرهم عليه، فيكتفى منهم بذكر ذلك أحياناً وإن وقعت الغفلة عنه فى حال التلبس بمصالح الدنيا المباحة، ولكن المؤمن لا يرضى من نفسه بذلك ، بل يلوم نفسه عليه ويحزنه ذلك من نفسه. العارف يتأسف فى وقت الكدر على زمن الصفاء، ويحن إلى زمن القرب والوصال فى حال الجفاء.
    وقسم آخر يستمرون على إستحضار حال مجلس سماع الذكر فلا يزال تذكر ذلك بقلوبهم ملازماً لهم ، وهؤلاء على قسمين :-                                     
أحدهما: من يشغله ذلك عن مصالح دنياه المباحة، فينقطع عن الخلق ، فلا يقوى على مخالطتهم، ولا القيام بوفاء حقوقهم. وكان كثير من السلف على هذه الحال فمنهم من كان لا يضحك، ومنهم من كان يقول: لو فارق ذكر الموت قلبى ساعة لفسد.                          
  والثانى: من يستحضر ذكر الله وعظمته وثوابه وعقابه بقلبه، ويدخل ببدنه فى مصالح دنياه من إكتساب الحلال والقيام على العيال، ويخالط الخلق فيما يوصل إليهم به النفع مما هو عبادة فى نفسه، كتعليم العلم،والتربية، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهؤلاء أشرف القسمين، وهو خلفاء الرسل، وهم الذين قال فيهم على كرم الله وجهه: صحبوا الدنيا بأبدان، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى. وقد كان حال النبى صلى الله عليه وسلم عند الذكر يتغير، ثم يرجع بعد إنقضائه إلى مخالطة الناس والقيام بحقوقهم. ففى[ مسند البزار] و[معجم الطبرانى] عن جابر، قال: كان النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نزل عليه الوحى قلت: نذير قوماً أتاهم العذاب، فإذا سرى عنه فأكثر الناس ضحكاً، وأحسنهم خلقاً. وفى [مسند الإمام أحمد] عن على قال كان النبى يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك فى وجهه وكأنه نذير جيش يصحبهم الأمر غدوة . وكان إذا كان حديث عهد بجبريل لم يبتسم ضاحكاً حتى يرتفع عنه وسئلت عائشة رضى الله عنها: كيف كان رسول الله  إذا خلا مع نسائيه ؟ قالت: كان كرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس ، وأحسن الناس خلقاً، وكان ضاحكاً بساماً. فهذه الطبقة خلفاء الرسل عاملوا الله تعالى بقلوبهم، وعاشروا الخلق بأبدانهم)[84] .
    وقد درج الشيخ عبد الله على احياء ليالي الذكر و حضور مجالسه وطريقة هذه المجالس التي تقام لاحياء ليلة الاثنين والجمعه من كل اسبوع وبقية الليالي في (المناسبات الدينيه كما سماها عقب البيعة).
طريقة احياء الليالى:
 وهنا نبين  الطريقه التي تنظم بها الاحتفالات لاحياء ليالى المناسبات:
أولا: تفتتح ليلة الذكر بأن يقرأ الحاضرون سورة الفاتحه ثم الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا: تبدأ الجلسه عقب صلاة العشاء مباشرة ، فيقرأ فى الافتتاحية سورة من القرآن الكريم او ماتيسر من الذكر الحكيم.
ثالثا: بعد ذلك يقرأون منظومة سلسلة مشايخ الطريقة القادرية المسماه بالتوسل وبعدها  قصيده في مدح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رابعا: يوزع علي الحاضرين كتاب ( المولد للبرزنجي ) في حالة احياء ليلة المولد وكتاب ( الاسراء والمعراج ) في احياء الليلة،  ويتخلل ذلك قراءة قصائد في مدح المصطفي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقصائد مشايخ الطريق التربويه التى تذكر مآثرهم للنهوض بالهمم و تقدم دروس أو محاضره تتناول احد المواضيع الدينيه حسب المناسبة .
خامسا: وفي النهايه يذكرون الله قياما، فينهض الحاضرون، ويلتفون علي شكل حلقة، او يقفون صفوفا، ويبداون بذكر لفظ الجلاله ( الله) والتهليل( لا اله الا الله) ويقوم المنشدون بالقاء القصائد التي تحرك مشاعر الذاكرين، وتحفزهم، وهكذا يستمر الذاكرون بذكر كلمة التوحيد، ومجموعه من اسماء الله الحسني المباركه .
سادسا: تختم ليلة الذكر بتلاوة سورة أو آية من القرآن الكريم، والدعاء .
     وعلي الذاكر ان يكون علي طهارة ويكون حاضرًا بقلبه وعقله وروحه، مستحضرًا لمعني ما يقول، ومستغرقًا في مناجاة الله عز وجل حتي يستشعر الحضور في حضرة الله تعالي، والمثول بين يدي سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبذلك يتمتع بلذة القرب من ربه، وحلاوة الانس بمناجاته، ونشوة الروح علي بساط رحمته، حيث تحلق روحه في افاق الملكوت الأعلي، وتسبح في أنوار الرضا والرضوان.
مشروعية الحركة فى الذكر:
      إن موضوع الحركة في الذكر تردد كثيراً على ألسنة المسلمين بين الإباحة والتحريم وفي  ما يلى نتناول أقوال بعض العلماء الأجلاء في الحركة في الذكر.
       قال الألوسي في تفيسره (روح المعاني) عند قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ)[85]. بعد كلام طويل ما نصه: (وعليه فيحمل ما حُكي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وعروة بن الزبير وجماعة رضي الله تعالى عنهم من أنهم خرجوا يوم العيد إلى المصلى فجعلوا يذكرون الله تعالى فقال بعضهم: أما قال الله تعالى (يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا) فقاموا يذكرون الله تعالى على أقدامهم على أن مرادهـم بذلك التبرك بنوع موافقة للآية في ضمن فرد من أفراد مدلولها)[86]. ويقول العلامة الكتاني في كتابه  )التراتيب الإدارية): غاية الرقص (الحركة في الذكر) عند القوم ذكر من قيام وهو مشروع بنص القرآن الكريم (يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) والتمايل والاهتزاز منقول عن الصحابة. فقد روى أبو نعيم عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال كان أصحاب رسـول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكروا الله تمايلوا كما تتمايل الشـجرة بالريح العاصف إلى أمام ثم تراجع إلى وراء)[87].
   يتضح لنا من كلام العلامة الشيخ عبد الحي الكتاني أن التمايل وقت ذكر الله كان ظاهراً في زمن صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أما من ينكر على الذاكرين حالهم واهتزازهم فإنما ينكر عليهم شيء ورد على ألسنة العلماء وقام بعمله صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللحركة في الذكر شواهد كثيرة في السنة النبوية الشريفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر)[88]. ولمعرفة معنى قوله (ارتعوا) نرجع لقوله تعالى: (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون)، قال الإمام الطبري عند تفسير الآية: (حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله تعالى: (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) يقول: يسع وينشط- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (يرتع ويلعب) قال: يلهو، وينشط، ويسعى حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:  (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) قال: ينشط، ويلهو - حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، بنحوه- . حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (يرتع ويلعب) قال: يسعى، ويلهو ....)[89]
وفي البخاري عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال - وهو في قبة له يوم بدر(( "أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعبد بعد اليوم أبدا". فأخذ أبو بكر، رضي الله عنه، بيده وقال: حسبك يا رسول الله! ألححت على ربك. فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) القمر 46 ..))[90]
      قال فيه الشيخ يوسف خطار محمد من علماء الشام في كتابه (الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية ) ما نصه: (الشاهد فيه جواز قراءة كلام الله سبحانه وتعالى في حالة الوثب وهو الظفر والقفز فجواز ذكر الله تعالى في هذه الحالة من باب أولى.
     وعن السيدة عائشة رضي الله عنها رأيت رسول الله يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد .. إلى أن قالت وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك قلت نعم، قال: فاذهبي. البخاري.
     ولنستمع إلى الإمام علي رضي الله عنه كيف يصف أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال أبو أراكة: (صلّيتُ مع علي صلاة الفجر، فلما انفتل عن يمينه مكث كأنَّ عليه كآبة، حتى إذا كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح صلى ركعتين، ثم قلب يده فقال: والله لقد رأيت أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون صفراً شعثاً غبراً، بين أيديهم كأمثال رُكَب المَعْزى، قد باتوا لله سجداً وقياماً، يتلون كتاب الله يتراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا [أي تحركوا] كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تَنْبَلَّ ـ والله ـ ثيابُهم)[91]
   ويهمنا من عبارة الإمام علي رضي الله عنه قوله: ) مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح)، فإنك تجده صريحاً في الاهتزاز، ويُبطل قولَ من يدَّعي أنه بدعة محرمة، ويثبت إباحة الحركة في الذكر مطلقاً وقد استدل الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله بهذا الحديث في إحدى رسائله على ندب الاهتزاز بالذكر، وقال: هذا صريح بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحركون حركة شديدة في الذكر. على أن الرجل غير مؤاخذ حين يتحرك ويقوم ويقعد على أي نوع كان حيث إنه لم يأت بمعصية ولم يقصدها كما ذكرنا. ، فقد سئل إمام الطائفتين سيدنا الجنيد: إن أقواماً يتواجدون ويتمايلون ؟ فقال: دعوهم مع الله تعالى يفرحون، فإنهم قوم قطعت الطريق أكبادهم، ومزق النصب فؤادهم، وضاقوا ذرعاً فلا حرج عليهم إذا تنفسوا مداواة لحالهم، ولو ذقتَ مذاقهم عذرتهم..
      قال الشيخ عبد الغني رحمه الله حديث الإمام عليّ صريح بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتحركون حركة شديدة في الذكر فثبت مطلقًا إباحة الاهتزاز على هذا الأثر بأن الرجل غير مؤاخذ حين يتحرك ويقوم ويقعد على أي نوع كان حيث لم يأت بمعصية ولم يقصدها)[92].
    قال الإمام عبد الحليم محمود شيخ الأزهر: لقد كان رضي الله عنه شاذلي الطريقة ويحضر مجالس الذكر ولما سؤل عن الاهتزاز في الذكر قال (صدق الإمام علي كرم الله وجهه حينما قال واصفا الذاكرين يتمايلون تمايل النخيل في اليوم العاصف الريح).
 والخلاصة بعد هذه الأدلة القاطعة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قولاً وفعلاً وتقريراً وما ورد عن أخبار الصحابة وأعمالهم وأقوال ساداتنا العلماء سلفا وخلفا.
       فقد ذكرنا هنا كل ما يشرح الصدر ويثبت الحركة في الذكر كما أن الذكر أمر مطلق على جميع الأحوال قائماً وقاعداً متحركاً وساكناً ماشياً وواقفاً وكان مولانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الله في جميع أحيانه وأحواله، وإذا ادّعى أحد المارقين تحريم الحركة في الذكر أو قال بكراهتها فنحن نطالبه بالدليل لأنه يقيد ما أطلقه الله بغير سند ولا دليل..   ونقول له: إذا أردت أن تحرم أو تكره الحركة في الذكر فأتنا بآية أو بحديث أو بقول لعالم من العلماء الصالحين الذين لا يختلف في قولهم اثنين من المسلمين وتشبه بالصالحين في التحريم والإباحة إن لم تكن مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح.
فتَشَبَّهوا إنْ لم تكونوا مثلهم # إنَّ التشبهَ بالكرام فلاحُ[93]
   الإنشـــاد والسَمـاع:
      استدل القائلون بإباحة الغناء بكثير من الأدلة من القرآن الكريم منها: قال تعالى: (زيدُ فِي الخَلقِ مَا يَشَاءُ، إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ)[94] ، قال بن كثير نقلاً عن الإمام الزهرى وابن جريج فى قوله تعالى: (يزيد فى الخلق ما يشاء (يعنى حسن الصوت)[95]، وقال القرطبى فى تفسير الآية: (إنه حسن الصوت كما ذكر بن كثير عن الزهرى[96]، وإلى هذا المعنى ذهب أكثر المفسرين كالنسفى والبيضاوى والخازن وغيرهم)[97] . وعن سيدنا أنس: (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى سفره وكان غلام يحدو بهن يقال له أنجشة، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير) قال أبو قلابة: يعنى شفقة بالنساء[98] ، وعن سيدنا أنس بن مالك أيضاً قال: (كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حادٍ يقال له أنجشة وكان حسن الصوت، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا أنجش رويدك لا تكسر القوارير)، قال قتادة: يعنى ضعفه النساء، وقال الحافظ ابن حجر في شرح البخارى: (قال ابن بطَّال: القوارير كناية عن النساء اللاتى على الإبل التى تساق حينئذ، فأمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحادى بالرفق بالحداء، لأنه يحث الإبل حتى تسرع، فإذا أسرعت لم يؤمن على النساء السقوط، وإذا مشت رويداً أمن على النساء السقوط... إلى أن قال: نقل ابن عبد البر الاتفاق على إباحة الحداء، وفى كلام بعض الحنابلة خلاف فيه ومن منعه محجوج بالأحاديث الصحيحة. ويلتحق بالحداء هنا الحداء للحجيج المشتمل على التشوق إلى الحج بذكر الكعبة وغيرها من المشاهد ونظيره ما يحرّض أهل الجهاد على القتال. وعن سيدنا أبى موسى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: (يَا أَبَا مُوسَى، لَقَد أُوتيتَ مزمارًا من مزامير آل داودَ)[99].
      وعن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبى مسعود الأنصارى فى عرس وإذا جوار يغنين، فقلت: أى صاحبا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أهل بدر يُفعل هذا عندكم؟... فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخّص لنا فى اللهو عند العرس)[100].
       وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار، فقال نبىالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو) وفى رواية شريك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قالوا: نعم، قال: ماذا تقول؟ قيل له نقول:
آتيناكم... آتينـاكم       فحيـونا نحيكم
ولولا الذهب الأحمـر       لم نحلل بـواديـكـم
ولولا الحنطـــة الســـمـرا          ما سمنت عـذاريـــــكــم)[101]
     الفرق بين التواجد فى ذكر الله وبين الرقص فى الغناء ظاهر لكل مسلم، فان الباعث على التواجد هو الشوق الى الله تعالى والمحبة فى جماله وجلاله، والباعث على الرقص انما هو الشهوات النفسانية والاغراض الشيطانية فى الفسق والفجور. وذكر الله طاعة بالاجماع، ومن تواجد بالمعنى الذى ذكرناه على الغناء كان تواجده طاعة لأن الاعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى. ومن يقل بالحرمة فمراده ان التواجد على الذكر رقص فليست المسألة اجتهادية وانما هى مبنية على حسن الظن وسوئه، فمن رأى الحرمة المختلفة فى حال ذكر الله تعالى من السالكين، فحسن الظن بهم قال: هذا تواجد على ذكر الله تعالى وهو طاعة، ومن اساء الظن بهم ، قال: هذا رقص حرام باعثه معصية ، لأن الرقص لا يكون الا بالباعث النفسانى والشهوة الحيوانية.
      والحاصل ان الفرق بين التواجد والرقص لايخفى على المسلم المنصف الخالى من التعصب سواء كان من العوام أو العلماء، والرقص يكون بالتخلع والتكسير لاثارة الشهوة، والتواجد انما يكون بالشوق الالهى والمحبة الربانية، ولا يخفى ذلك على جميع الناس.
      فمن ساوى بين الرقص والتواجد بواسطة ان كلا منهما بحركة موزونة على نغمة موزونة كمن ساوى بين السجود للاصنام والسجود لله بواسطة ان كل منهما وضع الجبهة والأنف على الارض فيكفر بلا خلاف.
     الجبل يهتز فرحاً برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد ورد في صحيح البخاري أن النبي صعد جبل أحد يوماً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فاهتز الجبل فرحاً وتحرك طرباً وزهواً بمن عليه فضربه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجله وقال: "اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان" وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إن أحد جبل يحبنا ونحبه)[102].
      فالجبل وهو حجر أصم فرح فاهتز بوقوف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصحابته الكرام رضوان الله عليهم فكيف الحال مع المؤمن الصادق الذي أحب ذكر ربه  ومحمد نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالروح تهتز طرباً بسماعها القرآن، وهناك حركة لا إرادية يصاب بها قارئ القرآن وإلا لما اهتزازه وهو يقرأ كتاب الله أو ما الداعي لهذا الاهتزاز؟، ذلك أن الروح الطاهرة التي خلقها الله ووضعها في الإنسان تفرح بكلام الله وبأسماء الله فتهتز وما لمنا يوماً على قارئ القرآن لاهتزازه.. وقراءة القرآن ذكر فما بالنا نلوم على الذاكر في اهتزازه اللاإرادي!!. قال تعالى:( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون)[103]صدق الله العظيم.


[1] ذ ك ر : الذَّكَرُ ضد الأنثى وجمعه ذُكُورٌ و ذُكْرَانٌ و ذِكَارَةٌ كحجر وحجارة وسيف ذَكَرٌ و مُذَكَّرٌ أي ذو ماء وقال أبو عبيد هي سيوف شفرتها حديد ذكر ومتونها حديد أَنيث يقول الناس إنها من عمل الجن ويقال ذهبت ذُكْرَةُ السيف و ذُكْرَةُ الرجل أي حدتهما و التَّذْكِيرُ ضد التأنيث و الذِّكْرُ و الذِّكْرى و الذُّكْرةُ ضد النسيان تقول ذكرته ذكرى غير مجراة واجعله منك على ذُكْرٍ و ذِكْرٍ بضم الذال وكسرها بمعنى و الذِّكْرُ الصيت والثناء قال الله تعالى { ص والقرآن ذي الذكر } أي ذي الشرف و ذَكَرَهُ بعد النسيان وذكره بلسانه وبقلبه يذكره ذِكْراً و ذُكْرةً و ذِكْرَى أيضا و تَذَكَّرَ الشيء و أذْكَرَهُ غيره و ذَكَّرَهُ بمعنى و ادَّكَرَ بعد أمة أي ذكره بعد نسيان وأصله اذْتَكَرَ فأدغم و التَّذْكِرةُ ما تُسْتَذْكَرُ به الحاجة. المعجم: مختار الصحاح .
[2] سورة الكهف:63.
[3] سورة الكهف:63
[4] سورة الذاريات: 55
[5] سورة الفجر: 23
[6] سورة المدثر:49
[7] سورة المدثر:55،،54
[8] سورة الأنبياء: 10.
[9] سورة الأنبياء: 50.
[10] سورة الحجر: 9.
[11] سورة الأنبياء: 7.
[12] سورة النساء:103.
[13] سورة الأحزاب:42.
[14] متفق عليه
[15] قال صلى الله عليه وسلم،: ( يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووم عليه وإن قَلَّ، وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملاً أثبتوه ) رواه مسلم . ومعنى "أثبتوه" كما قال النووي : أي لازموه، وداوموا عليه .
[16] رواه مسلم
[17] رواه ومسلم  رقم الحديث: 1311
[18] رواه البخاري رقم الحديث:  5441
[19] صحيح مسلم (193)
[20] سورة الكهف 46 
[21]  سورة مريم: 75-77
[22] سنن أبي داود (رقم:832)، سنن النسائي (2/143)، سنن الدارقطني (1/313،314).
[23]صحيح مسلم – كتاب المساجد
[24] سورةً الإسراء:43
[25] سورة البقرة:156
[26] سورة الإسراء: 111
[27] سورة الأعراف:54
[28] قال الترمذي في جامعه 3401 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدُ، فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ )
[29] سورة الرحمن 13
[30] سورة آل عمران:135-136
[31] سورة الاحزاب: 56
[32] رواه الإمام أحمد (11587) و النسائي (1297) ـ و اللفظ له ـ بإسناد حسن و صحح الحديث ابن حبان (903) و الحاكم (1/550) و ضياء الدين المقدسي في المختارة (1566) .
[33] حديث رقم: 945 موطأ مالك
[34]  رواه البخاري رقم الحديث: 43
[35] الترمذي(862)
[36] سور ة فصلت 30-31
[37] سورة الانعام 91
[38] سورة الاعراف 180
[39] رواهـ الـبـخـاري. (2736)
[40] سبق تخريجه
[41] أرجع العراقي في أصل المسبحة المعروفة الآن إلى الحصى والنوى الذي كان يعد عليه التسبيح في زمن رسول الله- صلى الله عليه وسلم، من قبل بعض الصحابة الكرام رضي الله عنهم فقال: "إن اتخاذ السبحة المعروفة بخصوصها لعدد التسبيح لا أعلم فيه شيئاً ثابتاً عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ولكن وردت عدة أحاديث تفيد عقد التسبيح بالأصابع، وفي التسبيح بالحصى والنوى فهو أصل المسبحة، إذ هو في معناه(الموسوعة الإسلامية د/ فاطمة محجوب، ج 26 ص 535، 536 بتصرف دار الغد العربي.)
وبذلك يكون للمسبحة أصل سابق على ما ذكر هؤلاء العلماء، وإن كان لم يكن بالصورة المعروفة عليها السبحة الآن بشكلها وفنها وخاماتها المتخذة منها، وربما يرجع هذا إلى كثرة الفتوحات ومعرفة أسرار الصناعات عند الأمم الأخرى أدى إلى هذا التطوير في عالم السبح. وقد ألحق بكل سبحة عدد من عشر حبات نظموه في خيط يكاد يملأ فجوة كل حبة حتى لا تتحرك من ذاتها، وإنما تتحرك بإرادة المسبح، وبعد بذل بعض الجهد في ذلك، غير أن مكان هذا العدد يتغير تبعاً لرغبة الفرد، وربما تغير تبعاً للورد الذي يؤديه الشخص، ويزاوج العداد بما يسمى ( بالجراي) وهو نوع من الحبوب المستطيلة التي تنظم في خيط يسهل تخطيه لحبات السُبْحَة المائة كلها وفقاً لإرداة ورغبة العابد.
[42] سورة النساء: 82 
[43] سورة الزمر:27
[44] سورة العنكبوت: 43
[45] القصص تكمن أهميتها في: إيضاح أسس الدعوة إلى الله، وبيان أصول الشرائع التي بعث بها كل نبي (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)  الأنبياء: 25. تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب الأمة المحمدية على دين الله وتقوية ثقة المؤمنين بنصرة الحق وجنده وخذلان الباطل وأهله (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) هود: 120. تصديق الأنبياء السابقين وإحياء ذكراهم وتخليد آثارهم. إظهار صدق محمد صلى عليه وسلم في دعوته بما أخبر به عن أحوال الماضين عبر القرون والأجيال. مقارعته أهل الكتاب بالحجة فيما كتموه من البينات والهدى، وتحديه لهم بما كان في كتبهم قبل التحريف والتبديل كقوله تعالى (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) آل عمران: 93. والقصص ضرب من ضروب الأدب، يصغي إليه السمع، وترسخ عبره في النفوس، تكرار القصص وحكمته يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص الذي تكرر في غير موضع، فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها في القرآن، وتعرض في صور مختلفة في التقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب
[46] سورة الاسراء: 82
[47] سورة البقرة: 97
[48] سورة آل عمران: 138
[49] سورة ابراهيم1:- 3
[50] سورة طه:1- 3
[51] سورة الزمر:23
[52] سورة يونس:58
[53] سورة فصلت:44
[54] أورد البخاري  رحمه الله - هاهنا حديثين: أحدهما أوردناه أعلاه  والثاني : عن أبي هريرة  رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أم القرآن هي : السبع المثاني والقرآن العظيم"
[55] البخاري ( 4474 )
[56] سنن الترمذي بالرقم (2910)
[57] أخرجه البيهقي في الشعب بنحوه عن على بن أبي طالب حديث 2397 باب في تعظيم القرآن - فصل في فضائل السور والآيات 2/459 ونص البيهقي ( وسيد آي القرآن ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )...الآية. قال عنها رسول الله - صلى الله علية وسلم - ؟(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ تُقَدِّسُ الْمَلِكَ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ ) الحديث الراوي: أبي بن كعب المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/308
[58] صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 810
[59] سورة يس: 26-27
[60] رواه الترمذي ( 2887)
[61] الأذْكَارُ النَّوَويَّة للإِمام النَّوَوي أَو ‏"‏حِلْيَةُ الأَبْرَارِ وَشِعَارُ الأَخْيَارِ في تَلْخِيصِ الدََّعوَاتِ والأَذْكَارِ المُسْتَحَبَّةِ في اللَّيْل والنَّهَارِ‏"‏‏.‏ 2 /766للإِمام الحافِظ المحَدِّثِ الفَقيْهُ أَبي زَكَرِيَّا يَحْيى بن شَرَفِ النَّوَوي، ‏(‏631 ـ 676 هـ ‏). رواه البيهقي في الدلائل – ومثل هذا الحديث رواه الطبراني كما ورد في روح البيان
[62] لمعجم الكبير للطبراني / سليمان بن أحمد الطبراني
[63] سورة آل عمران: 173
[64] رواه البخاري انظر تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٢.
[66] رواه مسلم (486)
[67] رواه البخاري 4712
[68] سورة الحج:40
[69] سورة الممتحنة :5
[70] معناه اللغوي كفى إذا قام بالأمر كله { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} , { وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } أي : كفاك به  وورد أيضاً الكافي هو الذي يعطي الكفاية وفوق الكفاية ويقال الكافي دافع البلاء ( شرح أسماء الله الحسنى صفحة 297)
[71] سورة الزمر:36.
[72] سورة فصلت:15
[73] سورة الفاتحة:"5"
[74] سورة الأحزاب:46
[75] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
[76] رواه أحمد (3/150) ، والترمذي (3510) ، وحسنه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي ) (2787) .
[77] الأذكار النبوية ص 8-9 - الإمام النووي
[78] اخرجة الإمام مسلم 40\2701
[79] صحيح مسلم
[80] شرح النووي على مسلم ص: 190/ يحيي بن شرف أبو زكريا النووي
[81] مجالس الذكر / رايات العز/العدد 27 مايو 2004م الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى
[82]سورة النحل 108  
[83] صحيح مسلم
[84] كتاب: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ص14-15-16/ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن.
[85] سورة آل عمران: 191
[86] روح المعاني" للعلامة محمود الألوسي ج4/ص140
[87] التراتيب الإدارية الجزء الثاني (2/143)-للعلامة عبدالحي الكتاني.
[88][88] رواة الترمذي وأحمد
[89] جامع البيان في تأويل القرآن ص (15/572) محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري/ المحقق: أحمد محمد شاكر.
[90] أخرجه البخاري (3953) وفي تفسير ابن كثير (2/266) وأحمد (1/329).
[91] "البداية والنهاية في التاريخ" للإمام الحافظ المفسر المؤرخ إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى 774هـ. ج8/ص6. وأخرجه أيضاً أبو نعيم في "الحلية" ج1/ص76.
[92] مجموعة رسائل ابن عابدين ـ الرسالة السابعة ـ شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل للفقيه الكبير ابن عابدين ص172 ـ 173].
[93] البيت الأول من قصيدة(أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ)  أبو الفتوح يحيى بن حبش الحكيم. شهاب الدين السهروردي. 549-587 هـ / 1154 - 1191 م فلسفي ينسب إليه أشعار من ذلك ما قاله في النفس على مثال عينية ابن سينا: خلعت هياكلها بجرعاع الحمى وصبت لمغناها القديم تشوقا  وكان يتهم بانحلال العقيدة فأفتى علماء حلب بإباحة قتله فقتله الملك الظاهر بن السلطان صلاح الدين سنة 587 وعمره ستة وثلاثون سنة. والسهروردي نسبة لسهرورد بلده قريبة من زنجان. (صاحب حكمة الإشراق) الذي شرح قطب الدين الشيرازي و (هياكل النور) و(التنقيحات والتلويحات) وغير ذلك.
[94] سورة فاطر الآية: (1)
[95] تفسير ابن كثير (5/567) وَرَواه عَن الزهري البخاريُّ في الأَدَب المُفرَد.
[96] الجامع لأحكام القرآن القرطبي (14/320)
[97] تفسير البَغَوي بهامش تفسير الخازن(3/296)
[98] أخرجه البخاري في (6211) ومسلم (5994) والبيهقي (10/2027) والبغوي (3577) وابن حبان (5801).
[99] أخرجه البخاري (5048)، مسلم (1849) والترمذي (3855).
[100] أخرجه النسائي (3383)
[101] صحيح البخارى (كتاب النكاح)
[102] صحيح البخاري (256 هـ) الجزء4 صفحة197
[103] سورة البقرة:74

ليست هناك تعليقات: