بحث هذه المدونة الإلكترونية

كتاب مفهم الولاية والأولياء/ الفصل الأول/الجزء (2)




القسم الرابع: صفات ومميزات وقدرات الولى
(سَمْعَهُ الَّذِي‌ يَسْمَعُ بِهِ، وَ بَصَرَهُ الَّذِي‌ يُبْصِرُ بِهِ، وَ لِسَانَهَ الَّذِي‌ يَنْطِقُ بِهِ، وَ يَدَهُ الَّتِي‌ يَبْطِشُ بِها، ورجله التي يمشي بها)
     
        إذا استوجب العبد محبة الله ظهرت آثار المحبة عليه، وهذه الآثار بينها سبحانه في قوله:   (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها )، والمقصود أن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل، قَرَّبه الله إليه ورَقَّاه من درجة الإيمان إلى درجة الإحسان، فيصير يعبد الله كأنه يراه.
       يشرح السيّد محمّد الحسين‌ الحسينيّ‌ الطهرانيّ‌ قدّس‌ سرّه‌ كيفية تجلّى صفات الله تعالى فى أوليائه ويقول: ((و سرّ إدراك‌ هذه‌ الدرجة‌ و الوصول‌ إليها أنّ البعض‌ من‌ المؤمنين‌ ينال‌ مقام‌ القرب‌ من‌ الله‌ إِثْرَ الطاعة‌ و ترك‌ المعصية‌، و يفوزون‌ بمقام‌ كمال‌ الاخلاق‌، لانّ محبّة‌ الله‌ ستلتهب‌ في‌ قلوبهم‌ يوماً بعد آخر، و تمنّي‌ الوصول‌ لمقام‌ القرب‌ و العزّة‌ سيشتعل‌ في‌ كيانهم‌، فتحترق‌ جميع‌ الصفات‌ الرذيلة‌ والاخلاق‌ الذميمة‌ و تفني‌ كما يحترق‌ ما يفضل‌ من‌ الاشواك‌ والاعشاب‌، حتّي‌ يستقرّوا أخيراً في‌ حدود المحبّة‌.
     و من‌ الواضح‌ أنّ من‌ آثار المحبّة‌ ظهور أخلاق‌ المحبوب‌ في‌ وجود المحبّ، و كلّما زادت‌ درجة‌ الشوق‌ و المحبّة‌ زاد معه‌ هذا التخلّق‌ بالاخلاق‌ الإلهيّة‌، حتّي‌ ينمحي‌ من‌ صفحات‌ أنفسهم‌ كلّ أثر للتلوّث‌ و يُزال‌ كلّ قشر من‌ قشور الانانيّة‌، بحيث‌ لا يتمكنوا حتّي‌ من عقد نيّة‌ سيّئة‌ في‌ ذواتهم‌، وبحيث‌ لاتخطر في‌ أذهانهم‌ أي‌ّ خاطرة‌ سيّئة‌، و ذلك‌ لانّ أصل‌ النفس‌ قد طهر و تمّت‌ تصفيته‌ و تنقيته‌.
 فإذا شملتهم‌ العناية‌ و التوفيق‌ الربّاني‌ في‌ هذه‌ المرحلة‌ رَقَوْا إلی‌ مقام‌ أعلی و نالوا مقام‌ أسماء الخالق‌ و صفاته‌ و إدراك‌ أسمائه‌ الكلّيّة‌ و صفاته‌ العامّة‌ في‌ جميع‌ الموجودات‌.
   و إن‌ أعانَتهم‌ العناية‌ الازليّة‌ بعد هذه‌ المرحلة‌ فقدّموا وجودهم‌ مقابل‌ الخالق‌ و عظمته‌ و قدرته‌ و جماله‌ و جلاله‌، و عبروا من‌ مقام‌ التوكّل‌ والتفويض‌ إلی‌ مقام‌ الرضا و التسليم‌، فيكون‌ الله‌ هو المختار في‌ أمورهم‌، و لا يكون‌ لهم‌ بعد ذلك‌ اختيار و لا إرادة‌، بل‌ تكون‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحقّ تعإلی‌ هي‌ المتصرّفة‌ في‌ وجودهم‌ و شؤونهم‌، فأُولئك‌ هم‌ الذين‌ يُقال‌ لهم‌: «أَوْلِيَآءُ اللَهِ» أُولئكم‌ الافراد همُ الذين‌ يفيدون‌ من‌ درجات‌ القوة‌ العلاّمة‌ والعقل‌ النظريّ (العلميّ)، أي‌ العقل‌ الهيولائيّ و العقل‌ بالمَلَكة‌ و العقل‌ بالفعل‌ و العقل‌ المستفاد، و الذين‌ رقوا إلی‌ أعلی درجاته‌ و عبروا المراحل‌ الثلاث‌ السابقة‌، فصارت‌ علومهم‌ و معارفهم‌ تُفاض‌ عليهم‌ من‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحضرة‌ الاحديّة‌ بواسطة‌ العقل‌ الفعّال‌، أو أن‌ يكونوا قد تخطّوا العقل‌ الفعّال‌ وعبروا مراتب‌ العقول‌ فصاروا يأخذون‌ علومهم‌ بلا واسطة‌ من‌ ذات‌ الحقّ كالعقل‌ الاوّل‌ بسبب‌ اندكاكهم‌ فيه‌. كما أنـّهم‌ فازوا بالمرحلة‌ الاخيرة‌ من‌ مراتب‌ القوّة‌ العمّالة‌ و العقل‌ العمليّ، وهي‌ التجلية‌ والتخليّة‌ والتحلية‌ و الفناء، و تحقّق‌ في‌ وجودهم‌ المراحل‌ الثلاث‌ التي‌ تسبقها.
    و طبقاً للآيات‌ المباركة‌ للقرآن‌ الكريم‌ التي‌ بُيّنت‌ فيها خصائص‌ أولياء الله‌، و التي‌ ربّما سنتحدّث‌ عن‌ بعضها عند الحاجة‌ في‌ المباحث‌ التالية‌، فإنّ الشيطان‌ لايمتلك‌ سلطاناً علی أولياء الله‌، فهو قد يأسَ منهم‌ إذ أوكلوا إرادتهم‌ و اختيارهم‌ إلی‌ الله‌، فصارت‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحقّ تعإلی‌ تقود الإرادة‌ و الاختيار في‌ وجودهم‌؛ فكيف‌ يتصوّر مع‌ ذلك‌ أن‌ يتغلّب‌ الشيطان‌ علی إرادة‌ الله‌ و اختياره‌ فيمكنه‌ خداعَهم‌؟
     إنّ أمل‌ الشيطان‌ ينصبّ علی أُولئك‌ الذين‌ يمكنه‌ التصرّف‌ فيهم‌ ودعوتهم‌ إلی‌ الشهوات‌ و الغفلات‌، و جعلهم‌ غافلين‌ عن‌ الله‌ سبحانه‌، أمّا مَن‌ تخطّي‌ وجوده‌ في‌ سبيل‌ الله‌ و أوكل‌ أنانيّته‌ إلی‌ ربّه‌، و جعل‌ اختياره‌ مندكّاً في‌ اختيار الله‌ تعالي‌، فلمس‌ و تحقّق‌ معني‌ ( وَ مَا تَشَآءُونَ إلاَّ أَن‌ يَشَآءَاللَهُ). سورة الانسان الآية: 30.
 و أقرّه‌ في‌ سويداء قلبه‌، فصار يري‌ بعين‌ الله‌، و يسمع‌ بأُذن‌ الله‌، وينطق‌ بلسان‌ الله‌، و يبطش‌ بيد الله‌، فلم‌ يبقَ شي‌ء منه‌ في‌ عالم‌ الوجود ليتصرّف‌ به‌ الشيطان‌. و قد ورد في‌ الحديث‌ القدسي‌ّ أنّ الله‌ سبحانه‌ يقول‌:
 وَ مَا يَتَقَرَّبُ إلَيَّ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي‌ بِشَي‌ءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ؛ وَ إِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إلی‌ بِالنَّوَافِلِ حَتَّي‌' أُحِبُّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي‌ يَسْمَعُ بِهِ، وَ بَصَرَهُ الَّذِي‌ يُبْصِرُ بِهِ، وَ لِسَانَهَ الَّذِي‌ يَنْطِقُ بِهِ، وَ يَدَهُ الَّتِي‌ يَبْطِشُ بِها، إنْ دَعَانِي‌ أَجَبْتُهُ، وَ إنْ سَأَلَنِي‌ أَعطَيْتُهُ))[1]. اهـ.
 الميزة الاولى : " كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي‌ يَسْمَعُ بِهِ "
       ذلك يعني ان الله سبحانه وتعالى يهب الولي مميزات في السمع لم يملكها من قبل و لا يملكها الاخرين اي يعطيه قدرات سماع واسماع لا  تتوفر عند العامة.
        ويبقى الشرف العظيم للأذن حين وصف الله تبارك وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ب)أذن الخير( عندما أراد المنافقون أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا عنه هو أذن أي سمّاع لكل قول يجوز عليه الكذب والخداع ولا يفطن إلى ذلك، فأخذ الله من قولهم رداً عليهم فقال تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[2].
    وجاء فى تفسير القرطبي: بين تعالى أن في المنافقين من كان يبسط لسانه بالوقيعة في أذية النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: إن عاتبني حلفت له بأني ما قلت هذا فيقبله ، فإنه أذن سامعة . قال الجوهري : يقال رجل أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد ، يستوي فيه الواحد والجمع . وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: " هو أذن " قال: مستمع وقابل . وهذه الآية نزلت في عتاب بن قشير، قال : إنما محمد أذن يقبل كل ما قيل له.  وقيل: هو نبتل بن الحارث، قاله ابن إسحاق. وكان نبتل رجلا جسيما ثائر شعر الرأس واللحية، آدم أحمر العينين أسفع الخدين مشوه الخلقة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث ) . السفعة بالضم: سواد مشرب بحمرة . والرجل أسفع ، عند الجوهري . وقرئ " أذن " بضم الذال وسكونها)[3] . اهـ.
     يقول أ.د. يحيى جبر[4]: وتتمثل حاسة السمع في الأذن بأقسامها الثلاثة: الخارجية أو ما يعرف بالصيوان، والوسطى، والداخلية، بما في ذلك عصب السمع الذي ينقل الأصوات على نحو معين إلى الجزء المختص بمعالجة اللغة من الدماغ، ويمثل الصيوان مرآة مقعرة، تعمل على جمع أكبر قدر ممكن من الذبذبات الصوتية، أو ا ن شئت، فهوائي محطة أقمار صناعية، أو كأنه عدسة لامّة ... تبارك الله أحسن الخالقين. 
  وجدير بالذكر أن العرب اشتقت من "الأذن" مفرزات أوقعتها على معاني العلم والإعلام ونحوهما، وتوجيه ذلك أن عملها ـ السمع ـ هو سبيل الإنسان إلى العلم، وهو الأصل في العملية اللغوية، والمكمل لجهاز النطق؛ حيث يجعل للألفاظ المنطوقة قيمة ودورا، ذلك انه لا قيمة لجهاز النطق في بني الإنسان، ما لم تكن هنالك آذان تسمع،  ولما كان الأصل في اللغة أن تكون أصواتا تنظم على نحو معين، فإن الأذن هي الأصل في العملية اللغوية، بل في استجابة الإنسان لما يدور حوله؛ حيث يدرك بها أصواتا مبهمة (غير لغوية) ولكنها ترمز إلى معان في غيرها، كان تسمع خريرا أو عواء، فتدرك أن ثمة ماء أو ذئبا ونحو ذلك مما لا يخفى عليك.
    وقد تنبه علماء العربية الأوائل إلى هذه العلاقة بين الأذن والعلم، ويتضح ذلك فيما جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس  من قوله: " والهمزة والذال والنون، أصلان متقاربان في المعنى متباعدان في اللفظ. أحدهما أذن كل ذي أذن، والآخر العلم، وعنهما يتفرع الباب كله، أما التقارب فبالأذن يقع على كل مسموع، وأما تفرع الباب، فالأذن معروفة ...".
          وفي هذا القول بيان لمدى التقارب المعنوي بين الأصلين، يتمثل في أن ابن فارس جعل مقداره هو ان التباعد اللفظي القائم بين كلمتي الأذن بمعنى الجارحة، والأذن بمعنى العلم، وهو اختلاف طفيف يتمثل في حركات الحروف وحسب.
          وقد توصف الأذن بالوعي، وخير مثال لذلك قوله تعالى: "لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية"[5].، وهذا من المجاز، وإنما يعي الدماغ ما تسمع الأذن، والمقصود نفس تسمع وتدرك، وربما كان على الحقيقة، إذ ما الحواس (أعصابها) إلا أجزاء وفروع تتشعب من الدماغ وتنتهي إليه.
          وعكس ذلك الضرب على الأذن، والختم على السمع في الاستعمال القرآني، والصمم فيه وفي غيره، وتتضح هذه المعاني في قوله تعالى في سورة الكهف: "فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا"[6].، فهم يسمعون ما يجري من حولهم. ولا يستيقظون طوال ذلك، وقريب منه قوله عز وجل: "ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون"[7].
 بحيث لا يكون في جهاز الإدراك فرجة ينتهي إليه السمع من خلالها.
      وينصرف السمع لجملة من المعاني على الحقيقة والتحور، والأصل فيه ما قال ابن فارس: السين والميم والعين أصل واحد وهو إيناس (إدراك) الشيء بالأذن من الناس وكل ذي سمع أذن. ومثله قول ابن منظور: السمع حسّ الأذن. وقول الجرجاني في تعريفه للسمع: هو قوة مودعة في العصب المفروش في مقعر الصماخ، يدرك بها الأصوات بطريق وصول الهواء المتكيف بكيفية الصوت إلى الصماخ. وفي قوله الهواء المتكيف بكيفية الصوت، إشارة مبهمة إلى ما يطلق عليه في العلم الحديث اسم الموجة الصوتية)[8]. اهـ.
  السمع فى القرآن الكريم:
     يقول الله سبحانه و تعالى:  (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)[9] .
و يقول سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ)[10] .
يتضمن كتاب الله تعالى ثلاث درجات للسمع وهي:
فالأولى: الإحساس بالصوت دون فهم، في قول الله تعالى  (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء)[11] .
والثانية: هي الإحساس بالصوت مع الفهم وذلك في قوله تعالى: (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)[12] .
والثالثة: هي الإحساس بالصوت مع الفهم بالإضافة إلى الاقتناع والإيمان والطاعة كما في قوله تعالى:  (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ..)[13]. والقرآن الكريم فرّق بين السماع والاستماع والإصغاء:
(1) فالسمع يكون بقصد ومن دون قصد، ومثاله قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْه)[14].
(2) الاستماع يكون بقصد ، قال الله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)[15] .
(3) الإصغاء: قال تعالى: (إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)[16] .
(4) الإنصات: ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[17] .
 ودل القرآن الكريم على أن الصوت العالي ضار على الأذن وعلى البدن فأما ضرره على الأذن فهو في قول الله تعالى عن يوم القيامة: (فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ)[18] .
     وعلى البدن: فقد أهلك الله سبحانه أقواماً بالصيحة كما في قوله تعالى: (إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)[19]، وكما في قوله تعالى:(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)[20].   
          ولتوضبح ذلك يقول الدكتور منصور أبوشريعة العبادي:(( أما المهمة الأصعب في نظام السمع والذي لا زال العلماء يجهلون كثيراً من أسرارها فهي في الكيفية التي تعمل بها الخلايا العصبية في الدماغ على هذه الإشارات لتعطي الإنسان نعمة الإحساس بالصوت والتي قل من الناس من يشكر من أبدعها سبحانه وتعالى لقوله عز من قائل: "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ "[21].
      إن أقل شدة ضغط للموجات الصوتية يمكن أن تلتقطها الأذن السليمة والتي تسمى بحساسية الأذن تبلغ 20 ميكروباسكال والباسكال هو وحدة الضغط الأساسية وهو الضغط الناتج عن تسليط قوة مقدارها نيوتن واحد على مساحة مقدارها متر مربع. أما أشد ضغط يمكن أن تتحمله الأذن دون أن يصيبها خلل فهو 20 باسكال أي بما يزيد عن مليون مرة عن أقل ضغط وهذه نسبة بالغة العلو لا يمكن أن يحصل عليها لولا أن الذي صممها هو الذي أحاط علمه بكل شيء سبحانه وتعالى.
      فبهذا المدى الديناميكي البالغ العلو يمكن للأذن أن تسمع أصوات بالغة الخفوت كحفيف الأوراق وطنين الحشرات وأصوات بالغة الضجيج كدوى المدافع وهدير الطائرات دون أن تتأذى. ويعود الفضل في هذه الحساسية العالية للأذن إلى الحساسية العالية للخلايا الشعرية الداخلية فهي قادرة على إلتقاط الأصوات الخافتة رغم أنها مدفونة داخل طبقات متعددة من الأغشية ولا يصلها الصوت إلا بعد مروره على عدد كبير من المكونات كطبلة الأذن والعظمات الثلاثة والغشاء البيضاوي والأغشية الفاصلة بين قنوات القوقعة.
     وبسبب الحساسية العالية للخلايا الشعرية فإنها معرضة للموت إذا ما تعرضت لأصوات تزيد شدتها عن 20 باسكال أو لأصوات أقل شدة ولكن لفترات طويلة ولذا فعلى الإنسان أن يتجنب التعرض لهذه الأصوات حيث أن الخلية التي تموت لا يمكن أن تستبدل مع العلم أن عددها يزيد قليلا عن ثلاثة آلاف خلية. انتهى.   
    والقرآن الكريم قد سبق كل المعارف البشرية حين قرر إهلاك بعض الأمم بالصيحة، والمتأمل في الآيات التي ذكرت هلاك بعض الأقوام بالصيحة يعجَب من دقة الوصف لوسيلة العذاب ولأثرها على المعذبين، ومن المعروف أن الصوت عبارة عن نوع وشكل من أشكال الطاقة وهو عبارة عن تضاغطات وتخلخلات في الهواء...
     وإذا زادت هذه التضاغطات والتخلخلات عن الحد المسموح به بالنسبة للأذن ضرت الأذن، وإذا زادت عن طاقة احتمال الأذن تضر بقية الأعضاء فيصاب الإنسان بالإجهاد والضيق والتوتر العصبي وعدم التركيز ويؤثر على القلب والجهاز الدوري فيصاب بسرعة النبض وارتفاع ضغط الدم وتتزايد هذه التأثيرات حتى تصل إلى ذروتها في الانفجارات المصاحبة للقنابل الضخمة وذلك لأن هذا الانفجار يطلق طاقة عظيمة جداً في وقت قصير جداً، يتبدد جزء من هذه الطاقة على صورة حرارة عالية تصل إلى أربعمئة درجة مئوية والجزء الآخر يطلق على هيئة زيادة في الضغط يمكن يصل إلى بضع مئات من الضغط الجوي، وهذا الضغط الشديد والمنتشر خلال الأرض يمكن أن يحدث رجفة مشابهة للزلازل ذات المدة القصيرة، ومن هنا عبّر القرآن العظيم تارة بالصيحة وتارة بالرجفة)[22] اهـ .
    ومن أمثلة القدرة على الاسماع والاستماع عند الانسان  حادثة "ياسارية الجبل"، وهي حادثة تاريخية عن القدرة على ذلك. يذكر ابن حجر: ((وقعت الحادثة حوالي عام 645 ميلادية -23 هـجرية أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)[23].  وتعتبر هذه الحادثة المشهورة في يومنا هذا مثالاً تاريخياً عن القدرة على الاسماع والاستماع ( التخاطر).  وهي مشهورة باسم "سارية الجبل". الى تفاصيل الحادثة:
كان سارية بن زُنَيم بن عبد الله الدؤلى أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد الفرس سنة 645 م/23هـ، وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء.. وفي نفس اليوم كان الخليفة عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المدينة، فإذا بعمر رضي الله عنه ينادى بأعلى صوته أثناء خطبته: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم".
    وبعد انتهاء الخطبة تقدم الناس نحو عمر وسألوه عن هذا الكلام فقال: "والله ماألقيت له بالاً، شيءٌ أتى على لساني ."
   ثم قالوا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان حاضراً: "ماهذا الذي يقوله أمير المؤمنين ؟ وأين سارية منّا الآن ؟!" فقال: "ويحكم! دعوا عمر فإنه مادخل في أمر إلا خرج منه".
     ثم ما لبث أن تبينت القصة فيما بعد، فقد قدم سارية على عمر رضي الله عنه في المدينة فقال: "ياأمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم، فسمعت صوتاً ينادي: "يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم", عندئذ التجأت بأصحابي إلى سفح جبل واتخذت ذروته درءاً لنا يحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفرس من جهة واحدة، فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم)[24]. اهـ.
   نقول أن الله تعالى له من المدد والفيض والنور على العبد ما لا يمكن للعقل المجرد بمدركاته وكلياته الكونية العدمية أن يفهمها ؟ فكيف به أن يستنطقها و يتحسس لذات معارفها.؟. هذه الميزة تطور حسب تتطور التقرب من الله وزيادة المحبة، وارادة الله سبحانه وتعالى في ان يكرم الولي بقدرات اخرى حتى تصل الى مستويات اعلى مذهله للعقل.
الميزة الثانية : "وبصره الذي يبصر به "     
   تعتبر حاسة البصر من أغلى النعم التى يملكها الإنسان، وأهم الحواس الخمس التي ندرك بها العالم حولنا، وهي ليست حاسة للرؤية كوظيفة جسدية فقط بل حاسة إدراك أيضا وأداة سلوكية، بمعنى أن الإنسان عندما يبصر الشيء، فهو لا يراه فقط، بل يكوّن سلوكاً معيناً نتيجة هذه الرؤية، وهي وسيلة الإنسان الرئيسية للتعرف على محيطه ومن حوله، من خلال أداتين حيويتين هما العينان ..
العين هى عضو البصر والابصار هى الحاسة التى تستعمل فى رؤية كل ما هو موجود من ابداعات الخالق فى الكون المحيط بنا .
      أخبر سبحانه أن تقرب عبده منه يفيده محبته له فإذا أحبه قرب من بصره  فصار قلبه كالمرآة الصافية تبدو فيها صور الحقائق على ما هي عليه فلا تكاد تخطىء، له فراسة ، وليس هذا من علم الغيب بل علام الغيوب قذف الحق في قلب قريب مستبشر بنوره غير مشغول بنقوش الأباطيل والخيالات والوساوس التي تمنعه من حصول صور الحقائق فيه، وإذا غلب على القلب النور فاض على الأركان وبادر من القلب إلى العين فكشف بعين بصره بحسب ذلك النور، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ ، ثم قرأ قول الله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)[25])[26]. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم )[27]. قال ابن القيم: ((وأصل هذا النوع من الفراسة، من الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ قال الله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)[28])[29]. اهـ.
    هذه الفراسة تتكون للعبد بحسب قربه من الله، فإن القلب إذا قرب من الله انقطعت عنه معارضات السوء المانعة من معرفة الحق وإدراكه، وكان تلقيه من مشكاة قريبة من الله بحسب قربه منه، وأضاء له من النور بقدر قربه، فرأى في ذلك ما لم يره البعيد المحجوب.
يقول ابن القيم: وسببها : نور يقذفه الله في قلب عبده. يفرق به بين الحق والباطل، والحالي والعاطل، والصادق والكاذب .وحقيقتها : أنها خاطر يهجم على القلب ينفي ما يضاده. يثب على القلب كوثوب الأسد على الفريسة. لكن الفريسة فعيلة بمعنى مفعولة . وبناء الفراسة كبناء الولاية والإمارة والسياسة ..  وقال: كان الجنيد يوما يتكلم على الناس. فوقف عليه شاب نصراني متنكرا . فقال: أيها الشيخ ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله فأطرق الجنيد ، ثم رفع رأسه إليه . وقال: أسلم . فقد حان وقت إسلامك . فأسلم الغلام)[30]
      النظر لا يغني عن الإبصار
     يقول الشيخ فريد الأنصاري فى  رسالته القيمة: (قادني التدبر للقرآن العظيم إلى أن أكتشف أن النظر لا يغني عن الإبصار! قال عز وجل: (وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ)[31]، وقال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)[32]. والقرآن العظيم مجموع كلي من الآيات الدالة على الطريق، آيات هي في حاجة فقط إلى من يبصرها؛ ومن هنا وصف الله القرآن كله بأنه (بصائر)، قال سبحانه: (هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ)[33].
والبصائر: جمع بصيرة، وهي الآية التي تُبَصِّرُ الناس حقائق الوجود، وتدلهم على الطريق السالكة إلى الله، عند تعدد الطرق السالكة إلى غيره. وتسمى (بصيرة) من حيث هي مشعة بالنور، الذي يكون سببا في تبصير الأعين الواقعة عليها. ولذلك وصف الله الآيات في سياق آخر بأنها (مُبْصِرَة) على صيغة اسم الفاعل، فنسب الإبصار إليها من حيث هي سبب فيه، كما في قوله تعالى: (وجَعَلْنَا آيةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً)[34] أي: مضيئة للأشياء، ومسببة بذلك للأعين في الإبصار.
    إلا أن الموضوع المقصود عندنا ههنا هو: الإبصار النفسي، أو الإبصار القلبي، لا إبصار الجوارح. فالنفس الإنسانية (جسم) روحاني سوي، له جوارحه النفسانية، المفارقة للبدن. وإنما البدن لباسها الخارجي. قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)[35]. فإبصار النفس، أو إبصار القلب هو الذي يصاب بالعمى عن الغفلة، ويعالج بالتذكر، قال عز وجل:
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)[36]. وقال سبحانه: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[37].
    وعليه يحمل معنى قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ)[38]. وقوله عز وجل: (وآتينا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)[39]. فالآيات مُبْصِرَةٌ بمعنى مُبَصِّرَة. فهي لذلك بصيرة. والبصيرة: هي الثقب الذي يجعل في باب الدار من أجل معرفة الطارق. وهي اليوم العدسات المجهرية التي تثبت على أبواب المنازل. فمن خلالها يطلع الإنسان على الحقيقة ويكتشف طبيعتها.
ومن هنا كانت آيات القرآن مُبْصِرَةً، أو بصائر.
    فإذ نصب المولى الكريم الآيات بصائر للناس، فإنهم إن لم يبصروا؛ لا لوم آنئذ إلا على أنفسهم. وهو قوله تعالى الوارد على أشد ما تكون النذارة: (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)[40]. إن هذه الآية أُمٌّ من أمهات الكتاب. فأعد قراءتها وتدبر ثم أبصر!
   تدبر ثم أبصر! لأن الإبصار نتيجة طبيعية للتدبر. ولذا كانت الآيات صارمة في وجوب التدبر على ما سيأتي تفصيله وبيانه بحول الله.
   ومن أجل هذا كله خاطب الله جل جلاله الناس ذوي الأبصار، كما في قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ)[41]، وقوله أيضا: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ)[42]
    إن القرآن العظيم نسق كلي من الآيات. والآيات والآي جمع آية: وهي العلامة المنصوبة للدلالة على معلومة يُسْتَرْشَدُ بها في أمر ما. ومن هنا كانت الآية بمعنى: الحجة والبرهان.
     والحياة الدنيا - بلا دين - ظلمات متضاربة كأمواج البحر البهيم. والناس راحلون إلى ربهم من خلال ما حد لهم من أعمار. إنها رحلة شاقة مضنية. قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)[43]. وهو لذلك في حاجة ماسة إلى الآيات؛ عسى أن يسهل عليه أمر العبور، وتتضح له معالم الطريق، ويسلك له سبيلها. تماما كما لا تسلك الطريق لسائق السيارة؛ إلا بنصب علامات على كل مراحلها. وإنما العلامات: الآيات، كما في كل معاجم اللغة. هذا شيء مهم جدا. لكن ما فائدة الآيات بدون إبصار؟
     وعلى هذا المنهج التربوي يفهم حديث حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، لما أبصر الآيات فقال: (لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال قلت: نافق حنظلة! قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكرنا بالنار والجنة؛ حتى كأنا رأى عين! فإذا خرجنا من عند رسول اللهe؛ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات؛ فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا! فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول اللهصلى الله عليه وسلم، قلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة؛ حتى كأنا رأى عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم! ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة! ثلاث مرات)[44].
    إن هذه النصوص تدل بشكل واضح على المنهج التبصيري، الذي كان يعتمده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، كما تدل على مدى الإبصار الذي كانوا يتمتعون به في تلقي الآيات عن رسول الله. ولهذا سماها الله جل جلاله (بصائر)، كما في قوله تعالى: (قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ)[45].
    فيا أيها الحليم الحيران، السالك مسالك الحياة الدنيا، تبحث - مثلي - عبر ليلها المظلم عن باب للخروج من الفتن.. هذا باب النور، فاقرأ وتدبر قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)[46].
اقرأ وتدبر.. ثم أبصر!)[47]
      بعض القلوب يصيبها العمى كما يصيب الأبصار، وعمى القلوب أعظم من عمى الأبصار والعياذ بالله، قال الله تعالى: (فّإنَّهّا لا تّعًمّى الأّبًصّارٍ ولّكٌن تّعًمّى القٍلٍوبٍ التٌي فٌي الصٍَدٍورٌ)[48]
     يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى:  (أفلم يسيروا في الأرض) أي بأبدانهم وبفكرهم أيضاً ، وذلك للاعتبار أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال، (فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها) أي فيعتبرون بها (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) أي ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر أ.هـ
     وإذا كان القلب هو مصدر الإبصار فما هي مهمة العينين والعقل اللذي إذا اختل أصيب الإنسان بالغيبوبة وربما الوفاة الدماغية ؟
يقول مجاهد: لكل عين أربع أعين .. يعني لكل إنسان أربع أعين .. عينان في رأسه لدنياه .. وعينان في قلبه لآخرته .. فإن عميت عينا رأسه وأبصرت عينا قلبه فلم يضره عماه شيئا وإن أبصرت عينا رأسه وعميت عينا قلبه فلم ينفعه نظره شيئا.
    لذلك البصر مختلف كلياً عن البصيرة اللتي هي اساسها القلب ولو كان الرجل أعمى وصلحت بصيرته لما ضره ذلك شيئا !)[49].
     قال تعالى: ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)، ويقول الرسول الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القلب: ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد) هل ينفع الجسد ان يكون سليما ومعافى ، والقلب يعاني من متاعب صحية ؟
     الأمراض القلبية سببها الأساسي نقص الإيمان مما ينتج عنه الاختلال النفسي الذي يؤدي بهؤلاء المرضى إلى عدم الرضا والسخط والأنانية والكراهية والأحقاد والكذب وحب الإضرار بالناس والكيد لهم.
     والأمر المؤكد أن مريض القلب فاقد الثقة بنفسه وبخالقه والعياذ بالله، إنها امراض خطيرة انتشرت في واقعنا وتعلو منها الشكوى كل يوم.. الشكوى من الكراهية حينا ومن العدوانية حينا آخر بل ومن العجز عن فعل الخير في أحيان كثر ولا يجلو غشاوة القلوب ولا يبّصرها ولا يذهب عماها إلا كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله وذلك بتلقي العلم عن الراسخين فيه ..قال الله تعالى: (فّاسًأّّلٍوا أّّهًلّ الذٌَكًرٌ إن كٍنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ)[50]، فإذا انقطعت الصلة بين الإنسان وبين الذكر، أو فهم الأدلة فهماً خاطئاً بمعزل عن الراسخين في العلم خبط خبط عشواء وأعجب برأيه وزين له الشيطان عمله وضل بفهمه المخالف لأهل العلم واعتبر ذلك بحال الخوارج الذين ذمهم النبي صلى الله عليه وسلم غاية الذم ويتضح ذلك في الحديث التالي  ...(حدثنا ‏ ‏عبد الله بن يوسف ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏يحيى بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سلمة بن عبد الرحمن ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏أنه قال ‏ :‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول (‏ ‏يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ‏ ‏يمرقون ‏ ‏من الدين كما ‏ ‏يمرق ‏ ‏السهم من الرمية ينظر في ‏ ‏النصل ‏ ‏فلا يرى شيئا وينظر في ‏ ‏القدح ‏ ‏فلا يرى شيئا وينظر في الريش فلا يرى شيئا ‏ ‏ويتمارى ‏ ‏في ‏ ‏الفوق ‏)[51].
          نكتفى بهذا القدر من الايضاح ونقول يرى ولي الله ما لا يراه غيره ، حيث يبصر بما منَ الله عليه من الله سبحانه وتعالى وبذلك يميز و يدرك ما وراء الاحداث  ويرى ما يذهل عقل العاقل، لكن الله سبحانه وتعالى يسهل له الامور و يعينه على ذلك.
 تتطور هذه الميزة الى مستويات اعلى بكثير تدريجيا  فان كان بصره شيء بسيط من بصر الله سبحانه وتعالى ،  يرى ما لا يستطيع العقل استيعابه ، لكن الله سبحانه وتعالى يمنَ عليه بالمقدرة على ذلك ومن تلك المراحل رؤية المخلوقات الاخرى من الملائكة والجن بإرادتها و دون إرادتها  وذلك يسمى نفوذ البصر.
الميزة الثالثة:  " كنت يده التي يبطش بها "
    البطش فى اللغة
 لسان العرب: بطش: البَطْش: التناول بشدة عند الصَّوْلة والأَخذُ الشديدُ في كل شيء  بطشٌ؛ بَطَشَ يَبْطُش ويَبْطِش بَطْشاً. وفي الحديث: فإِذا موسى باطِشٌ  بجانب العرش أَي متعلق به بقوَّة. والبَطْشُ: الأَخذ القويّ الشديد. وفي  التنزيل: إِذا بَطَشْتُم بَطَشْتُم جبَّارين؛ قال الكلبي: معناه تَقْتُلون  عند الغضب. وقال غيره: تَقْتُلون بالسوط، وقال الزجاج: جاء في التفسير  أَن بَطْشَهُم كان بالسَّوط والسَّيْف، وإِنما أَنكر اللَّه تعالى ذلك  لأَنه كان ظُلماً، فأَما في الحق فالبَطْش بالسيف والسوط جائز، والبَطْشة:  السَّطْوة والأَخذُ بالعُنْف؛ وباطَشَه مُباطَشَةً وباطَشَ كبَطَش؛ قال:  حُوتاً إِذا ما زادُنا جئنا به،  وقَمْلَةً إِن نحنُ باطَشْنا به  قال ابن سيده: ليْسَتْ به مِنْ قوله باطَشْنا به كَبِه من سَطَوْنا بِه  إِذا أَردت بِسَطَوْنا معنى قوله تعالى: يكادُونَ يُسْطونَ بالذين،  وإِنما هي مثلُ بِه من قولك استَعْنَّا به وتَعاونَّا به، فافهم. وبَطَشَ به  يُبْطش بَطْشاً: سَطا عليه في سُرْعة. وفي التنزيل العزيز: فلما أَن أَراد  أَن يُبْطِش بالذي هو عدوّ لهما. وقال أَبو مالك: يقال بطَشَ فلانٌ من  الحُمّى إِذا أَفاق منها وهو ضعيف.  وبِطاشٌ ومُباطِشٌ: اسمان)[52].
      أن اليد البشرية هي معجزة من معجزات الخالق سبحانه وتعالى، لقد تم تصميم الأجزاء المختلفة لليد بحيث يمكنها القيام بوظائف عديدة ومعقدة وغاية في التباين بحيث يكاد يكون من المستحيل الجمع بينها في جهاز واحد. وقد استخدم الإنسان هذه الأيدي الماهرة لتحضير وأكل طعامه وخياطة وارتداء ملابسه وغسل جميع أجزاءجسمه وتصنيع ما يلزمه من أدوات ومعدات لزراعة الأرض وبناء السكن وصناعة السلاح وإلى غير ذلك من مستلزمات الحياة.
    أما الاستخدامات التي تظهر البراعة العالية لليد فهي الكتابة والرسم والنحت حيث يمكن لليد الإمساك بالقلم في وضعية معينة وتحريك رأسه في مختلف الاتجاهات بدقة عالية لكي يتمكن من كتابة الأحرف والكلمات ومختلف أنواع الرسومات وصدق الله العظيم القائل " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )[53] .
      يقول ابن كثير عند تفسيره سورة القصص في قوله تعالى: (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرّهْبِ)، (قال مجاهد من الفزع وقال قتادة من  الرعب وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم وابن جرير مما حصل لك من خوفك من الحية والظاهر أن المراد أعم  من هذا وهو أنه أمر عليه السلام إذا  خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب وهو يده فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما  يجده من الخوف وربما إذا استعمل  أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يده على فؤاده فإنه يزول عنه ما يجده أو  يخف إن شاء الله تعالى وبه الثقة) ا.هـ. ، قوله}وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ{ اليد اليمنى بمعنى الكف }مِنَ الرّهْبِ{ أي جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط)[54]
   وفى هذا المعنى يقول  الدكتور منصور أبوشريعة العبادي: وفي وضع اليد فوائد كثيرة يذكرهـا الفلاسفة والأطباء في عدة كتب ، ويذكرون بأن كل فرد من الجنس البشري عنده قوة مغناطيسية داخل جسمه، والمغناطيسية الحيوانية كما حددها فرانز انطون مسمر ( 1734- 1815م ) هي سيال رقيق جدا ينبعث من جسم الفاعل فيؤثر في المنفعل إما عفويا وإما بفعل لمسات أو إشارات أو نظرات أو كلمات معينة، وإن موجات  المغناطيسية الحيوانية هي سلبية وإيجابية، وتكون لها شدة بنسبة ما للجسم الصادرة عنه من إرادة وحيوية وطاقة اهتزازية، وإنها تنطلق عادة من كل الجسم وخصوصا من العينين واطراف الاصابع والدماغ والأنفاس ، فتنفعل في من توجه إليه بمقدار إرادة الفاعل واستعداد المنفعل وتجاوبه، لأن الأجسام ليست سواء في الانفعال بالمغناطيسية الحيوانية[55] أ.هـ
    يقول العلماء إن لكل إنسان مجال إشعاع يحيط به على هيئة رسم بيضاوي ، أعلاه عريض مقوس حول الرأس ونهايته عند القدمين، وهو ما يسمى " بالمجال المغناطيسي وسماه مسمر "المغناطيسية" ، وقد ينتقل عن طريق النظر واليدين ، كما ينتقل عن طريق التنفس بطريقة خاصة ، وينتقل أيضا عن طريق الريق، وهذا سبب استعمال اللعاب في  كثير من أعمال الشفاء، وهذا ما يسمى بالسيال مغناطيسي.
فى حالة المرضى  فقد يوجه المعالج السيال وهو يضمر ويركز فكره على فكرة معينة ، وقد يجوز أن يوجه السيال بدون فكرة معينة بمجرد أن يكون هذا التوجيه جزء من طريقة تعلمها للعلاج أو للتأثير، وفي هذه الحالة لا يكون السيال خاليا من الفكرة المحددة، بل يكون محتويا على فكرة مبعثها عقله الباطن ، لأنها مكونة من اعتقاد وإيمان بأن فعله يتسبب ظاهرة معينة أو أثرا بعينه، ومعلوم أن الاعتقاد الراسخ يصبح إيحاءً قويا[56] أهـ .
    وممن خلال المتابعة نلاحظ أن بعض الذين بهم مس من الجان لا يتحملون الحرارة التي تخرج من يد الراقي حال الرقية والبعض يقول إني أشعر وكأن يد الراقي جبل على صدري ، وذلك ببركة كلام الله تعالى)[57]. اهـ.
     ومما يؤكد صحة ذلك نورد بعض الاحاديث النبوية: جاء في وضع اليد ما أخرجه الطبرانى في الدعاء عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)[58] .
     وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى قَالَتْ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى)[59].
    وعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَرْقِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَيْنِ فَأَضَعُ يَدِي عَلَى صَدْرِهِ وَأَقُولُ امْسَحِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَاءُ لا كَاشِفَ لَهُ إِلا أَنْتَ)[60].
    عَنْ سَعِيدٍ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِوَلَدِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِهِ لَمَمًا وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ طَعَامِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا طَعَامَنَا قَالَ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ فَتَعَّ تَعَّةً فَخَرَجَ مِنْ فِيهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الأسْوَدِ فَشُفِيَ)[61] .
     وعن عائشةَ بنتِ سعد أن  أباها قال: تَشكيتُ بمكة شكوَى شديدة ، فجاءني النبيّ صلى الله عليه وسلم يَعودُني, فقلتُ: يانبيّ الله ، إني أترُكُ مالاً، وإني لم أترُك إلا بنتاً واحدة، فأُوصي بثُلثَي مالي وأترُكُ الثلثَ؟ فقال: لا. قلتُ: فأُوصي بالنصفِ وأتركُ النصفَ؟ قال: لا. قلتُ: فأُوصي بالثلثِ وأترُكَ لها الثلثين؟ قال: الثلثُ ، والثلثُ كثير. ثم وضعَ يدَهُ على جبهتهِ ، ثم مَسحَ يدَه على وَجهي وبَطني، ثم قال: اللهم اشفِ سعداً وأَتممْ له هِجرَته. فما زِلتُ أجدُ بَردَهُ على كَبِدي فيما يُخالُ إِليّ حتى الساعة)[62].
          وعن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: مِنْ تَمَامِ عِيَادَةِ المَرِيضِ أَنْ يضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ قالَ عَلَى يَدِهِ ، فَيَسْأَلَهُ كَيْفَ هُوَ، وَتَمَامُ تَحِيّتِكُمْ بَيْنَكُمْ المُصَافَحَةُ)[63] .
     من مميزات الولي الذي يحب الله والله يحبه ان يبطش بيد الله و هذه الميزة تتضمن قدرات هائلة بكل ما اراد فعله بيده وذلك يتضمن اموراً عدة منها  نصرة الله سبحانه وتعالى بالملائكة، قال تعالى:( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ * إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)[64].
     ومن خصائص الأولياء أن إرادتهم من إرادة الله فهم أئمة هداة يهدون بأمر الله ...
وذكر ابن كثير حادثة تدل علي ان الأنهار يجريها الله وليس امرا من الطبيعة فعندما فتح عمرو بن العاص مصر أتي أهلها اليه حين دخل شهر بؤنة فقالوا ايها الأمير إن لنيلنا هذا ُسًَنة لا يجري الا بها فقال وما هي فقالوا اذ كان خلي من شهر بؤنة 12 ليلة عمدنا الي جارية بكر بين ابويها وجعلنا عليها من الثياب والحلي افضل ما يكون ثم نلقيها في النيل فقال لهم عمرو هذا ليس في الإسلام فمضي شهر بؤنة ثم أبيب ومسري والنيل لايجري فكتب عمرو الي عمر بن الخطاب فكتب اليه عمر : (إنك قد أصبت بالذي فعلت واني باعث اليك بطاقة داخل كتابي هذا فألقها في النيل) ففتح البطاقة وجد مكتوب فيها: ( من عبد الله عمر أمير المؤمنين الي نيل مصر ( أما بعد ) فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله أن يجريك) ، فألقي عمرو بن العاص بالبطاقة في النيل فأصبح في اليوم التالي وقد أجري الله النيل 16 ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك الليلة عن أهل مصر الي اليوم)[65] اهـ.
     و هؤلاء القوم انصارهم ملائكة ويبطشون بيد الله: فاذا حاربوا نصروا دائما، اذا رفعوا الايدي للدعاء و استجيبوا، اذا لمسوا مريضا اشفاه الله، فكل ما فعله بيده ينصره الله تبارك وتعالى.
    هم قوم اذلة على المؤمنين واعزة على الكافرين، هم من هذه الامة ، خير امة اخرجت للناس.
الميزة الرابعة: " ورجله التي يمشي بها "
     ما ذكرناه عن العين والاذن واليد ينطبق على الرجل، تتطور هذه الميزة الى القدرة على المشي والسفر مسافات طويلة ثم الى المشي على ما لا يمشي عليه البشر مثل الماء ثم الى المشي بطرق لا يعرفها البشر،  ثم تتطور هذه المرحلة الى درجات لا يستوعبها العقل كما بينا في البرهان من القرآن الكريم في  تفسير ما يخص ملكة سبأ وسليمان عليه السلام.
   إن المشي نعمة من نعم المولى سبحانه وتعالى، ينعم بها على من يشاء من عباده، وقد قسم سبحانه هذه النعمة بين مخلوقاته كما قسم بينهم معيشتهم وجميع نعمه عليهم، ﴿ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ﴾ كالثعابين ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ﴾ كبني آدم ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ﴾ كالأنعام وغيرها، وهكذا ﴿ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ فهكذا أراد الله تعالى، وهكذا أتقن خلقه وأبدع صنعه ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [66].
    والمشي - أيها المسلم الكريم - زيادة على أنه نعمة من نعم الله تعالى؛ فهو كذلك آية من آياته الدالة على قدرته وعظيم حكمته.  يدل على ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه، في باب قوله: ﴿ الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ﴾ عن أنس ابن مالك -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة! قال: ((أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة))؟! قال قتادة: بلى وعزة ربنا.)[67]
فالمشي آية من آيات قدرته تعالى وحكمته؛ فلهذا كله اعتنى الله سبحانه وتعالى بذكر هذه النعمة والآية في كتابه الكريم، الذي هو المعجزة الخالدة، فعند تتبع هذه الكلمة في القرآن نجد أنها قد ذكرت في أكثر من (20) موضعاً، وبتصاريف مختلفة.
تعريف المشي في اللغة العربية:
 تأبى بعض معاجم لغتنا العربية أن تنشئ حداً لهذه الكلمة (المشي)؛ متعللة - بلسان الحال- بأن هذه الكلمة تعبر عن نفسها بمجرد النطق بها[68]، فيما نجد البعض الآخر يشير إلى بيان حقيقة هذه الكلمة، وقد اخترنا منها ما يلي:
قال الراغب:(المشي: الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة) [69].
 وقال ابن فارس:
"الميم والشين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على حركة الإنسان وغيره، والآخَر النَّماء والزيادة.
 والأوّل مَشَى يَمشِي مَشْياً. وشرِبْتُ مَشُوَّاً ومَشِيَّاً، وهو الدَّواء الذي يُمْشِي.-أي يُطلق البطن- والآخر المَشَاء، وهو النِّتاج الكثير، وبه سمِّيت الماشية. وامرأةٌ ماشية: كثُر ولدُها. وأمْشَى الرّجُل: كثُرت ماشيتُه[70].
وفي المصباح المنير:
"مَشَى: (يَمْشِي) (مَشْيًا) إذا كان على رجليه - سريعاً كان أو بطيئا - فهو(مَاشٍ) والجمع (مُشَاةٌ) ويتعدى بالهمزة والتضعيف، و(مَشَى) بالنميمة فهو (مَشَّاءُ)، و(المَاشِيَةُ): المال من الإبل والغنم قاله ابن السكيت وجماعة، وبعضهم يجعل البقر من (المَاشِيَةِ))[71].
 هذه هي حقيقة هذه الكلمة في اللغة العربية، التي نزل بها هذا القرآن الكريم، نستفيد من معرفة ذلك أنه كلما مررنا في القرآن الكريم على هذه الكلمة(المشي)؛ فهذا هو معناها؛ إمراراً لها على ظاهرها، مالم تصرفها عن ذلك الظاهر قرينة بينة.
أنواع المشي في القرآن الكريم:
مشي مأمور به، لقد ذكر أن للمشي عشرة أنواع، لكننا: في القرآن الكريم، فما هي أنواع المشي في القرآن الكريم؟
     إن كل من رزقه الله تعالى هذه النعمة فهو يمشي: فالصغير يمشي، والكبير يمشي، والحيوان يمشي، والرئيس والملك والجنود والعلماء...كل يمشي...لكن السؤال: إلى أين؟ يقول الحق سبحانه: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [72]، فنعمة المشي واحدة، لكن مقاصد وأهداف المشاة شتى...هيا بنا نستعرض أنواع المشي التي ذكرها القرآن الكريم.
 المشي السريع لذكر الله تعالى:
 قال القتبي: السعي على وجه الإسراع في المشي كقوله تعالى: ﴿ وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى [73].
 والسعي: العمل، كقوله تعالى: ﴿ وسعى لها سعيها [74]، وقال: ﴿ إن سعيكم لشتى [75]
 والسعي: المشي كقوله تعالى: ﴿ يأتينك سعيا [76]، وكقوله تعالى: ﴿ فاسعوا إلى ذكر الله [77]، وقال الحسن في قوله تعالى: ﴿ فاسعوا إلى ذكر الله قال: ليس السعي بالأقدام ولكن سعي بالنية وسعي بالقلب وسعي بالرغبة[78].
مشي القصد والتوسط:
من ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [79]
 أي: امش مشيًا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط، بل عدلاً وسطًا بين بين[80].
 عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشى تكفأ)...[81].
 حين ننظر في الآية السابقة " لما قال: ﴿ وَلاَ تَمْشِ فِى الاْرْضِ مَرَحًا وعدم ذلك قد يكون بضده وهو الذي يخالفه غاية الاختلاف، وهو مشي المتماوت الذي يرى من نفسه الضعف تزهداً؛ فقال: ﴿ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ أي كن وسطاً بين الطرفين المذمومين.
المشي لطلب الرزق:
يقول الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [82] .
 "إنه من تسخير الله تعالى للأرض أن جعلها كفاتا للإنسان في حياته؛ بتسهيل معيشته منها وحياته على ظهرها، فإذا مات كانت له أيضاً كفاتاً بدفنه فيها.
 ويقول: لو شاء الله لجعلها حديداً ونحاساً، فلا يستطيع الإنسان أن يحرث فيها، ولا يحفر ولا يبني، وإذا مات لا يجد مدفنا فيها.
 ومما يشير إلى هذه المعاني كلها قوله تعالى: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ [83]
 والأمر في قوله تعالى: ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ للإباحة، ولكن التقديم لهذا الأمر بقوله تعالى ﴿ :هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً ﴾ فيه امتنان من الله تعالى على خلقه، مما يشعر أن في هذا الأمر مع الإباحة توجيهاً وحثا للأمة على السعي والعمل والجد، والمشي في مناكب الأرض من كل جانب؛ لتسخيرها وتذليلها؛ مما يجعل الأمة أحق بها من غيرها.
 كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ [84].
 ثم في  قوله تعالى: ﴿ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ بعد المشي في مناكب الأرض وتطلب الرزق، وما يتضمن من النظر والتأمل في مسببات الأسباب وتسخير الله لها، كقوله تعالى ﴿ :وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ بعد ذكر ﴿خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا ﴾، أي: الأصناف، وتسخير الفلك والأنعام والبحر والبر، فيه ضمناً إثبات القدرة على البعث، فيكون المشي في مناكب الأرض، واستخدام مناكبها، واستغلال ثرواتها، والانتفاع من خيراتها، لا لطلب الرزق وحده، وإلا لكان يمكن سوقه إليهم، ولكن للأخذ بالأسباب أولاً، وللنظر في المسببات والعبرة بالمخلوقات والتزود لما بعد الممات، كما في آية "الجمعة" ﴿ :فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي: عند مشاهدة آيات قدرته وعظيم امتنانه.
 وعليه فقد وضع القرآن الأمة الإسلامية في أعز مواضع الغنى والاستغناء، والاستثمار والإنتاج، فما نقص عليها من أمور دنياها إلا بقدر ما قصرت هي في القيام بهذا العمل، وأضاعت من حقها في هذا الوجود.
 وقد قال النووي في "مقدمة المجموع" إن على الأمة الإسلامية أن تعمل على استثمار وإنتاج كل حاجياتها حتى الإبرة؛ لتستغني عن غيرها، وإلا احتاجت إلى الغير بقدر ما قصرت في الإنتاج، وهذا هو واقع العالم اليوم؛ إذ القدرة الإنتاجية هي المتحكمة وذات السيادة الدولية.
 وقد أعطى الله العالم الإسلامي الأولوية في هذا كله، فعليهم أن يحتلوا مكانهم ويحافظوا على مكانتهم ويشيدوا كيانهم بالدين والدنيا معاً. وبالله التوفيق)[85].
المشي المنهي عنه:
المشي بالنميمة: قال الله تعالى: ﴿ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [86]) يقول تعالى: كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم ﴿ فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ... ثم قال تعالى: ﴿ وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ ﴾؛ وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى، واستعمالها في كل وقت في غير محلها)[87].
 وفي قوله تعالى:﴿ هَمَّازٍ مَشّاءٍ بِنميمٍ ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الفتّان الطعان، قاله ابن عباس وقتادة.
 الثاني: أنه الذي يلوي شدقيه من وراء الناس، قاله الحسن.
الثالث: أنه الذي يهمزهم بيده ويضربهم دون لسانه، قاله ابن زيد، والأول أشبه لقول الشاعر: 
تُدْلي بِوُدٍّ إذا لاقيتني كذباً space
وإن أغيبُ فأنت الهامز اللُّمَزة
 ﴿ مشّاءٍ بنميم ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: الذي ينقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض، قاله قتادة.
الثاني: هو الذي يسعى بالكذب، ومنه قول الشاعر:
ومَوْلى كبيْتِ النمل لا خير عنده space
لمولاه إلا سعيه بنميم[88] space اهـ.
مشي التكبر والخيلاء، والرقص:
 من ذلك قوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا [89].
 إن "الإنسان حين يخلو قلبه من الشعور بالخالق القاهر فوق عباده؛ تأخذه الخيلاء بما يبلغه من ثراء أو سلطان، أو قوة أو جمال، ولو تذكر أن ما به من نعمة فمن الله، وأنه ضعيف أمام حول الله؛ لطامن من كبريائه، وخفف من خيلائه، ومشى على الأرض هوناً لا تيهاً ولا مرحاً.
 والقرآن يجبه المتطاول المختال المرح بضعفه وعجزه وضآلته: ﴿ إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ﴾ فالإنسان بجسمه ضئيل هزيل، لا يبلغ شيئاً من الأجسام الضخمة التي خلقها الله)[90].
 قال سبحانه: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا [91]
 قال الشوكاني - رحمه الله : (وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها: تأكيداً وتقريراً)[92].
 وأصل المرح في اللغة: شدة الفرح والنشاط، وإطلاقه على مشي الإنسان متبختراً مشي المتكبرين؛ لأن ذلك من لوازم شدة الفرح والنشاط عادة)[93].
 ويروى أن سبأ دوخ الارض بأجناده شرقا وغربا وسهلا وجبلا، وقتل سادة وسبى - وبه سمى سبأ - ودان له الخلق، فلما رأى ذلك انفرد عن أصحابه ثلاثة أيام ثم خرج إليهم فقال: إنى لما نلت ما لم ينل أحد رأيت الابتداء بشكر هذه النعم، فلم أر أوقع في ذلك من السجود للشمس إذا أشرقت، فسجدوا لها، وكان ذلك أول عبادة الشمس، فهذه عاقبة الخيلاء والتكبر والمرح، نعوذ بالله من ذلك[94]".
 وقوله تعال: ﴿ إنّك لن تخرِقَ الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً ﴾ فيه وجهان، كما يقول الماوردي:
"أحدهما: إنك لن تخرق الأرض من تحت قدمك ولن تبلغ الجبال طولاً بتطاولك زجراً له عن تجاوزه الذي لا يدرك به غرضاً.
 الثاني: أنه مثل ضربه الله تعالى له، ومعناه كما أنك لن تخرق الأرض في مشيك  ولن تبلغ الجبال طولاً فإنك لا تبلغ ما أردت بكبرك وعجبك، إياساً له من بلوغ إرادته)[95] اهـ.
 قال الشنقيطي: "وأجود الأعاريب في قوله: ﴿ طُولاً ﴾ أنه تمييز محول عن الفاعل، أي لن يبلغ طولك الجبال. خلافاً لمن أعربه حالاً ومن أعربه مفعولاً من أجله. وقد أجاد من قال:
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا space
فكم تحتها قوم همُ منك أرفع space
وإن كنت في عز وحرز ومنعة space
فكم مات من قوم همُ منك أمنع
  "ذلك التطامن والتواضع الذي يدعو إليه القرآن بترذيل المرح والخيلاء، أدب مع الله، وأدب مع الناس، أدب نفسي وأدب اجتماعي.
 وما يترك هذا الأدبَ إلى الخيلاءِ والعجب إلا فارغٌ صغير القلب صغير الاهتمامات، يكرهه الله لبطره ونسيان نعمته، ويكرهه الناس لانتفاشه وتعاليه"[96].
   قوله تعالى: ﴿ويجعل لكم نوراً تمشون به﴾، فيه دلالة إيمانية، في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [97]
 فـ" في قوله: ﴿ تمشون به ﴾ إعلام بأن تصرفهم وتقلبهم الذي ينفعهم إنما هو النور، وأن مشيهم بغير النور غير مجد عليهم ولا نافع لهم، بل ضرره أكثر من نفعه.
وفيه: أن أهل النور هم أهل المشي في الناس ومن سواهم أهل الزمانة والانقطاع، فلا مشي لقلوبهم ولا لأحوالهم ولا لأقوالهم ولا لأقدامهم إلى الطاعات، وكذلك لا تمشي على الصراط إذا مشت بأهل الأنوار أقدامهم.
 - كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [98]، فهم ينيرون لأنفسهم وللناس، لا كالشمعة تضيء للناس وتحرق نفسهاوفي قوله ﴿ تَمْشُونَ بِهِ ﴾ نكتة بديعة، وهي أنهم يمشون على الصراط بأنوارهم كما يمشون بها بين الناس في الدنيا، ومن لا نور له فإنه لا يستطيع أن ينقل قدماً عن قدم على الصراط، فلا يستطيع المشي أحوج ما يكون إليه)[99].
  ولتقريب المعنى نذكر شيئا عن أهل الخطوة أو أصحاب الخطوة أو طي الأرض: هي صفة أطلقها الناس على كل من يمتلك تلك القدرة الخارقة على قطع مسافة طويلة جداً في خطوة واحدة أو في لمح البصر، فلا يعوقهم بحر ولا جبل. أو أنها تلك القدرة على التواجد في أكثر من مكان في نفس اللحظة.
و تلك القدرة يخصها الله تعالى لبعض عباده الصالحين أو الأولياء ذوي "الكرامات" بحسب ما يصفونهم.
     فيمكن أن يكرم الله عبدا صالحا بكرامة من عنده، فالله على كل شيء قدير، وليس غريبا على من يمشي بقدرة الله أن يكرمه فيقطع مسافة طويلة بخطوة.
قال اللقاني في منظومة "جوهرة التوحيد" التي جمع فيها عقائد أهل السنة:
(وأثبتن للأولياء الكرامة***ومن نفاها فانبذن كلامه)[100].
      من  يحب الله والله يحبه يمكنه ان يمشي ويتنقل في الارض من مكان الى آخر باسلوب يصعب عقل العاقل ان يدركه  .
الميزة الخامسة :  " وان سألني لأعطينه "
      يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم وأمراً :( وإذا سالك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون )[101]، وقد وصف الله سبحانه وتعالى السائلين بأنهم عباده ونسبهم إليه بقوله : [ عبادى ] دليل على حبه لهم ورحمته لهم .
       الدعاء باب من أبواب الفرج وطريق من طرق السعادة لا يطرقه إلا أهل الله العارفين به المقرين لعبوديته وهو مفتاح الحاجة ، ومستروح أصحاب الفاقات ، ملاذ المؤمنين وطريق المحتاجين ، وباب يقف عليه المضطرون ومن فعل الأنبياء والصالحين وملجأهم يفزعون إليه إذا ما حزّ بهم أمر ، أو ألم بهم هم ، أو أبطأ عليهم نصر ، أو أرادوا جلب خير أو دفع شر أو كشف ضر .
     والدعاء سنة الرسل والأنبياء ، وأنعم بهم من قدوة صالحة ومثال يحتذى وقد جاء فى سورة الأنبياء نماذج عظيمة من أحوال الأنبياء وهم يلجأون إلى خالقهم بأدعية نورانية ، وقلوب ربانية ، صدرت عن نفس مؤمنة من عبد مؤمن .
  فلما وافقت تلك الأدعية شروطها كانت الإستجابة سريعة وحاسمة تشفى الغليل، وتكشف الضر ، وتجلب الخير بل كانت الإجابة أشمل وأعم فكان الدعاء الصالح من
العبد الصالح فى لحظة الإضطرار والضعف والذلة موجبة لفتح أبواب الإجابة بالخير ليعمهم الفيض رحمة من الله وفضلاً للداعى ، وأية تذكرة من بعد لعباد الله الصالحين فى كل زمان ومكان .
       فأنبياء الله ورسله أولى بالإتباع فيما لم تنسخه شريعة خاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد جاء فى الأحاديث ما يدل على هذا القول منها ما رواه الترمزى وابن ماجه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال :( من لم يسأل الله يغضب عليه ) وفى رواية الترمزى :( سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ : انْتِظَارُ الْفَرَجِ.)[102] .
وجاء فى آداب الدعاء عن سلمان رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ كَرِيمٌ , يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا)[103] .
عن عمر رضى الله عنه قال: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَدَّ يَدَيهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ)[104] .
    عن بن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا، فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ)[105] . 
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( أدعوا الله وأنتم مؤقنون بالإجابة وأعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافل لاه )[106] .
      ومن آداب الدعاء عن جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم )[107].
 وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:  (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم )[108].
      ويستحب للمسلم إذا دعا أن يفتح بالمدحه والثناء على الله والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ، عن بن مسعود قال: ( إذا أراد أحدكم أن يسأل فليبدأ بالمدحه والثناء على الله بما هو أهله ثم ليصل على النبى صلى الله عليه وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح )[109].
     قال عبد الفتاح بن صالح قُدَيش اليافعي: فقد قال الله تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)، قال كثير من المفسرين: المراد به إذا فرغت من الصلاة فانصب إلى الله بالدعاء ففي الدر المنثور 6/364 : وروى الترمذي 5/526 : (عن أبي أمامة قال قيل لرسول الله صلى الله عليه سلم : أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات). وقد ذهب جمهور أهل العلم - وعليه المذاهب الأربعة وحكي اتفاقا - إلى مشروعية الدعاء بعد السلام من المكتوبات)[110] اهـ.
    يقول ابن رجب فى قوله: (( ولئن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأعيذنّه )): يعني أنَّ هذا المحبوبَ المقرَّب، له عند الله منْزلةٌ خاصة تقتضي أنَّه إذا سأل الله شيئاً، أعطاه إياه ، وإنِ استعاذَ به من شيءٍ، أعاذه منه، وإن دعاه، أجابه، فيصير مجابَ الدعوة لكرامته على ربه تبارك وتعالى، وقد كان كثيرٌ مِنَ السَّلف الصَّالح معروفاً بإجابة الدعوة. وفي " الصحيح "([111]) : أنَّ الرُّبيِّعَ بنتَ النَّضر كسِرَتْ ثَنِيَّة جارية ، فعرضوا عليهم الأرش ، فأبَوْا ، فطلبوا منهمُ العفو ، فأبوا ، فقضى بينهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالقصاصِ ، فقال أنس بن النضر : أتكسر ثَنِيَّة الرُّبيع ؟ والذي بعثك بالحقِّ لا تُكسر ثنيَّتُها ، فرضي القومُ، وأخذوا الأرش ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ من عبادِ الله مَنْ لو أقسمَ على الله لأبرَّه )).
وفي " صحيح الحاكم " ([112]) عن أنس، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: (( كَمْ من ضعيفٍ مُتَضعَّفٍ ذي طِمرين لو أقسم على الله لأبرَّه ، منهم البراءُ بن مالك ))، وأنَّ البراء لقي زحفاً من المشركين، فقال له المسلمون: أقسِمْ على ربِّك، فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لما منحتنا أكتافَهُم ، فمنحهم أكتافَهم، ثم التقوا مرّة أخرى، فقالوا: أَقسِمْ على ربِّك، فقال: أقسمتُ عليك يا ربِّ لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيِّك صلى الله عليه وسلم، فمنحوا أكتافهم ، وقُتِلَ البراء .
   وروى ابن أبي الدنيا  بإسنادٍ له أنَّ النعمان بن قوقل قال يومَ أحدٍ: اللهمَّ إنِّي أُقسم عليك أنْ أُقتل، فأدخل الجنَّة ، فقُتِل، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( إنَّ النعمان أقسم على الله فأبرَّه )[113].
      وروى أبو نعيم  بإسناده عن سعدٍ: (أنَّ عبد الله بن جحش قال يومَ أحد: يا رب، إذا لقيتُ العدوَّ غداً، فلَقِّنِي رجلاً شديداً بأسُهُ، شديداً حرَدُهُ أُقاتلُه فيك ويُقاتلني، ثم يأخذني فيَجْدَعُ أنفي وأذني، فإذا لقيتُك غداً، قلتَ: يا عبد الله، من جدعَ أنفَكَ وأُذنك ؟ فأقولُ: فيك وفي رَسولِك، فتقولُ: صدقتَ، قال سعد: فلقد لقيته آخرَ النهار، وإنَّ أنفه وأذنه لمعلَّقتان في خيط)[114] .
     وكان سعدُ بنُ أبي وقَّاص مجابَ الدعوة، فكذب عليه رجلٌ، فقال: (اللهم إنْ كان كاذباً ، فاعم بصره، وأطل عمره، وعرِّضه للفتن، فأصاب الرجل ذلك كلُّه، فكان يتعرَّض للجواري في السِّكك ويقول: شيخ كبير، مفتون أصابتني دعوةُ سعد)[115].
ودعا على رجلٍ سمعه يشتِمُ علياً، فما بَرِحَ من مكانه حتَّى جاءَ بَعيرٌ نادٌّ ، فخبطه بيديه ورجليه حتّى قتله[116] .
    ونازعت امرأةٌ سعيدَ بن زيد في أرضٍ له، فادَّعت أنَّه أخذ منها أرضَهَا، فقال: اللَّهمَّ إنْ كانت كاذبةً، فاعم بصرها، واقتلها في أرضها ، فعَمِيَت، وبينا هي ذات ليلة تمشي في أرضها إذ وقعت في بئر فيها ، فماتت[117].
   وكان العلاءُ بن الحضرمي في سَريَّةٍ، فعَطِشُوا فصلَّى فقال: اللهمَّ يا عليم يا حليم يا عليُّ يا عظيمُ، إنا عبيدُك وفي سبيلك نقاتلُ عدوَّكَ، فاسقنا غيثاً نشربُ منه ونتوضأ، ولا تجعل لأحد فيه نصيباً غيرنا، فساروا قليلاً، فوجدوا نهراً من ماءِ السَّماء يتدفَّقُ فشربوا وملؤوا أوعيتهم، ثم ساروا فرجع بعضُ أصحابه إلى موضع النَّهرِ، فلم ير شيئاً، وكأنَّه لم يكن في موضعه ماء قط[118].
     وشُكي إلى أنس بن مالك عطشُ أرضٍ له في البصرة، فتوضأ وخرج إلى البرية، وصلّى ركعتين ؛ ودعا فجاء المطرُ فسقى أرضه، ولم يُجاوِزِ المطر أرضه إلا يسيراً[119].
واحترقت خِصاصٌ بالبصرة في زمن أبي موسى الأشعري، وبقي في وسطها خُصٌّ لم يحترق، فقالَ أبو موسى لصاحب الخص: ما بالُ خُصِّك لم يحترق ؟ فقال: إني أقسمتُ على ربي أن لا يحرقه ، فقال أبو موسى: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (( في أمتي رجالٌ طُلْسٌ رُؤوسهم، دنسٌ ثيابُهم لو أقسموا على الله لأبرَّهم ))[120] .
وكان أبو مسلم الخولاني مشهوراً بإجابة الدعوة، فكان يمرُّ به الظبي، فيقول له الصبيان: ادعُ الله لنا أنْ يحبس علينا هذا الظَّبيَ، فيدعو الله ، فيحبسه حتى يأخذوه بأيديهم[121] .
ودعا على امرأة أفسدت عليه عِشْرَةَ امرأته له بذهاب بصرها، فذهب بصرها في الحال، فجاءته، فجعلت تُناشِدُه الله وتطلُب إليه، فرحمها ودعا الله فردَّ عليها بصرها، ورجعت امرأته إلى حالها معه ([122]) .
وكذب رجلٌ على مطرِّف بن عبد الله الشخِّير، فقال له مطرف: إنْ كنتَ كاذباً، فعجَّل الله حَتْفَكَ، فمات الرجل مكانه ([123]) .
وكان رجل من الخوارج يغشى مَجلِسَ الحسن البصري، فيُؤذيهم، فلما زاد أذاه ، قال الحسن: اللهمَّ قد علمت أذاه لنا ، فاكفناه بما شئت، فخرَّ الرجل من قامته، فما حُمِلَ إلى أهله إلاّ ميتاً على سريره ([124]) .
   وكان صِلةُ بنُ أشيم في سَريِّةٍ، فذهبت بغلتُه بثقلها، وارتحل الناسُ، فقام يُصلي، وقال: اللهمَّ إنِّي أُقسمُ عليك أنْ تردَّ عليَّ بغلتي وثقلها، فجاءت حتى قامت بين يديه ([125]) .
        وكان مرَّةً في برية قفرٍ فجاع، فاستطعم الله ، فسمع وجبةً خلفه، فإذا هو بثوب أو منديل فيه دَوْخَلة ([126]) رطب طريٍّ، فأكل منه، وبقي الثوب عندَ امرأته معاذة العدوية، وكانت من الصالحات ([127]) .
وكان محمدُ بنُ المنكدر في غزاة، فقال له رجل من رُفقائِه: اشتهي جُبناً رطباً، فقال ابنُ المنكدر: استطعموا الله يُطعِمكُم، فإنَّه القادر، فدعا القومُ، فلم يسيروا إلا قليلاً، حتَّى رأوا مِكتلاً مخيطاً، فإذا هو جبنٌ رطبٌ، فقال بعضُ القوم: لو كان عسلاً فقال ابن المنكدر: إنّ الذي أطعمكم جبناً هاهنا قادرٌ على أن يُطعِمَكم عسلاً ، فاستَطعِموه، فدعوا، فساروا قليلاً، فوجدوا ظرفَ عسلٍ على الطريق ، فنَزلوا فأكلوا ([128]) .
وكان حبيبٌ العجميُّ أبو محمد معروفاً بإجابة الدعوة؛ دعا لغلام أقرع الرأس، وجعل يبكي ويمسح بدُموعه رأسَ الغلام، فما قام حتَّى اسودَّ شعر رأسه، وعاد كأحسن الناس شعراً ([129]) .
وأُتي برجلٍ زمنٍ في مَحملٍ فدعا له، فقام الرجلُ على رجليه، فحمل مَحمِلَه على عنقه، ورجع إلى عياله ([130]) .
واشترى في مجاعةٍ طعاماً كثيراً، فتصدَّقَ به على المساكين، ثمَّ خاط أكيسَةً، فوضعها تحتَ فراشه ، ثمَّ دعا الله، فجاءه أصحابُ الطَّعام يطلبُونَ ثمنه، فأخرج تلك الأكيسةَ، فإذا هي مملوءةٌ دراهمَ، فوزنها، فإذا هي قدرُ حقوقهم ، فدفعها إليهم ([131]) .
وكان رجلٌ يعبثُ به كثيراً، فدعا عليه حبيبٌ  فبَرَصَ ([132]) . وكان مرَّةً عند مالك بن دينار ، فجاءه رجلٌ ، فأغلظَ لمالكٍ مِنْ أجلِ دراهمَ قسمها مالك ، فلمَّا طال ذلك من أمره، رفع حبيبٌ يده إلى السَّماء، فقال: اللهمَّ إنَّ هذا قد شغلنا عن ذِكرِك، فأَرِحْنا منه كيف شئتَ، فسقط الرجل على وجهه ميتاً ([133]) .
وخرج قومٌ في غزاةٍ في سبيل الله ، وكان لبعضهم حمارٌ ، فمات وارتحل أصحابُه ، فقام فتوضأ وصلّى، وقال: اللهمَّ إنِّي خرجتُ مجاهداً في سبيلك، وابتغاء مرضاتك، وأشهدُ أنَّك تُحيي الموتى، وتبعثُ مَنْ في القبور، فأحي لي حماري، ثم قام إلى الحمار فضربه، فقام الحمار ينفضُ أذنيه، فركبه ولَحِقَ أصحابه ، ثمَّ باع الحمارَ بعدَ ذلك بالكُوفة ([134]) .
وخرجت سريَّةٌ في سبيل الله ، فأصابهم بردٌ شديد حتّى كادوا أن يهلِكُوا، فدعَوا الله تعالى وإلى جانبهم شجرةٌ عظيمةٌ، فإذا هي تلتهبُ ناراً، فجفَّفُوا ثيابهم، ودفِئُوا بها حتّى طلعت عليهم الشمس، فانصرفوا ، وردت الشجرة على هيئتها .
وخرج أبو قِلابة صائماً حاجاً فتقدم أصحابَه في يومٍ صائفٍ، فأصابه عطشٌ شديدٌ، فقال : اللهمَّ إنَّك قادرٌ على أنْ تُذهِبَ عطشي من غير فطرٍ ، فأظلَّته سحابةٌ، فأمطرت عليه حتّى بلَّتْ ثوبه، وذهب العطشُ عنه، فنَزل فحوَّض حياضاً فملأها، فانتهى إليه أصحابُه فشربوا، وما أصابَ أصحابه من ذلك المطر شيءٌ ([135]) .
ومثلُ هذا كثيرٌ جداً، ويطول استقصاؤُه . وأكثر من كان مجابَ الدعوة من السلف كان يَصبِرُ على البلاء ، ويختار ثوابه، ولا يدعو لنفسه بالفرج منه. وقد رُوي أنَّ سعدَ بن أبي وقاص كان يدعو للناس لمعرفتهم له بإجابة دعوته، فقيل له: لو دعوتَ الله لِبصرك، وكان قد أضرَّ، فقال: قضاءُ الله أحبُّ إليَّ من بصري.
وابتلي بعضُهم بالجُذام، فقيل له: بلغنا أنَّك تَعرِفُ اسمَ الله الأعظم، فلو سألته أنْ يَكشِفَ ما بك ؟ فقال : يا ابن أخي، إنَّه هو الذي ابتلاني، وأنا أكره أنْ أُرادَّه ([136]) .
وقيل لإبراهيم التيمي - هو في سجن الحجاج - لو دعوتَ الله تعالى، فقال: أكره أنْ أدعُوَهُ أنْ يُفرِّجَ عنِّي ما لي فيه أجر. وكذلك سعيدُ بنُ جبير صبر على أذى الحجاج حتّى قتله، وكان مجابَ الدعوة؛ كان له ديكٌ يقوم بالليل بصياحه للصلاة فلم يَصِحْ ليلةً في وقته، فلم يقم سعيدٌ للصلاة فشقَّ عليه فقال: ما له ؟ قطع الله صوتَه، فما صاح الدِّيكُ بعد ذلك، فقالت له أمه: يا بني لا تَدْعُ بعد هذا على شيءٍ ([137]) .
وذُكر لرابعة رجلٌ له منْزلةٌ عند الله، وهو يقتاتُ مما يلتقِطُه مِنَ المنبوذات على المزابل، فقال رجل: ما ضرَّ هذا أنْ يدعو الله أنْ يُغنِيَه عن هذا ؟ فقالت رابعةُ: إنَّ أولياءَ الله إذا قضي الله لهم قضاءٌ لم يتسخَّطوه.
وكان حيوةُ بنُ شُريح ضيِّقَ العيشِ جداً، فقيل له: لو دعوت الله أنْ يُوسِّعَ عليك، فأخذ حصاة من الأرض فقال : اللهمَّ اجعلها ذهباً، فصارت تبرةً في كفِّه ، وقال: ما خيرٌ في الدُّنيا إلاّ الآخرة ، ثم قال: هو أعلم بما يُصلحُ عباده ([138]) .
وربما دعا المؤمنُ المجابُ الدعوة بما يعلم الله الخِيَرةَ له في غيره، فلا يُجيبه إلى سؤاله، ويُعوِّضه عنه ما هو خيرٌ له إما في الدنيا أو في الآخرة. وقد تقدم في حديث أنس المرفوع:     (( إنَّ الله يقول: إنَّ من عبادي من يسألني باباً من العبادة ، فأكفه عنه كيلا يَدخُلَه العُجْبُ )) ([139]) .
وخرَّج الطبراني ([140]) من حديث سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، عن النَّبيِّ  صلى الله عليه وسلم ، قال: (( إنَّ من أمتي مَنْ لو جاء أحدُكم يسأله ديناراً لم يُعطِه، ولو سأله دِرهماً لم يُعطِهِ، ولو سأله فِلساً لم يُعطه، ولو سأل الله الجنَّة لأعطاه إيَّاها ذو طِمرين لا يُؤبَهُ له، لو أقسم على الله لأبرَّه )). وخرَّجه غيرُه من حديث سالم مرسلاً، وزاد فيه: (( ولو سأل الله شيئاً من الدنيا ما أعطاه تكرمةً له )) )[141]. انتهى.
     عن أبي هريرة، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال " سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ، وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا ، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا ، قَالَ : ثَوْرٌ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا، قَالَ: الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا ، فَيَغْنَمُوا فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ)[142] " اهـ.
كيف يعقل ان يسقط جانب مدينة بالتهليل والتكبير؟ الاجابة : " وان سألني لأعطينه "
الميزة السادسة : " ولئن استعاذني لاعيذنه"
   الاستعاذة هي لون من ألوان الدعاء، والدعاء هو الطلب سواء كان لجلب خير أو لدفع شر، قال القرطبى فى مقدمة تفسيره: معنى الاستعاذة في كلام العرب: الاستجارة والتحيز إلى الشيء، على معنى الامتناع به من المكروه؛ يقال: عذت بفلان واستعذت به؛ أي لجأت إليه. وهو عياذي، أي ملجأي.
وأعذت غيري به وعوذته بمعنى. ويقال: أعوذ بالله منك؛ أي أعوذ بالله منك؛   والعوذة والمعاذة والتعويذ كله بمعنى. وأصل أعوذ: أعوذ نقلت الضمة إلى العين لاستثقالها على الواو فسكنت... وعاذ به يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً ومَعاذاً: لاذ فيه ولجأَ إِليه واعتصم. ومعاذَ اللهِ أَي عياذاً بالله. قال الله عز وجل: مَعَاذَ الله أَن نأْخذ إِلا مَن وجدَنا متاعنا عنده؛ أَي نعوذ بالله معاذاً أَن نأْخذ غير الجاني بجنايته.    
  و اسْتَعَاذَ به لجأ إليه وهو عِيَاذُه أى ملجؤه و أعَاذَ غيره به و عَوَّذَه به بمعنى وقولهم معاذ الله أي أعوذ بالله مَعَاذاً والعُوذة والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذ كله بمعنى واحد, وبه سُمِّيت (قُلْ أعوذ بِرَبّ الفَلَق) و(قُلْ أعوذ برب الناس) المُعوِّذَتَين.... يقال: عُذْت به أعُوذ عَوْذاً وعِيَاذاً ومَعاذاً: أى لَجأت إليه. والمَعاذ المصدرُ، والمكان، والزمان: أي لَقد لَجأت إلى مَلْجأ ولُذْت بِمَلاذٍ... وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه تزوّج امرأَة من العرب فلما أُدْخِلَتْ عليه قالت: أَعوذ بالله منك، فقال: لقد عُذْتِ بمعاذ فالحقى بأَهلك. والمَعَاذ في هذا الحديث: الذي عَاذ به... والله عز وجل معاذ من عاذ به وملجأُ من لجأَ إِليه.... وقولهم:  معاذ الله أَى أَعوذ بالله معاذاً..... والعُوذةُ والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذُ: الرُّقية يُرْقى بها الإِنسان من فزع أَو جنون لأَنه يعاذ بها.... وعَوَّذْت فلاناً بالله وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين، إِذا قلت أُعيذك بالله وأَسْمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحَيْنٍ)[143].
    ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في دينى أو دنياى، أو يصدنى عن فعل ما أمرت به، أو يحثنى على فعل ما نهيت عنه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل لأنه شرير بالطبع، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه.  وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: " إن الله تعالى يأمر بمصانعة العدو الإنسي والإحسان إليه ليرده عنه طبعه الطيب الأصل إلى المودة والمصافاة، ويأمر بالاستعاذة به من العدو الشيطان لا محالة إذ لا يقبل مصانعة ولا إحساناً ولا يبتغى غير هلاك ابن آدم لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل)[144]  ا.هـ  وهذا المعنى في ثلاث آيات من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: (خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[145] .
وقال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ)[146] .
    وقال تعالى: (وَلاَ تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ)[147]، فهذه ثلاث آيات ليس لها رابعة في معناها.
    ويأمر سبحانه وتعالى بالإستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة، قال ابن سعيد الغرناطى رحمه الله تعالى في التسهيل: ( الشيطان عدو وحذر الله منه إذ لا مطمع في زوال علة عداوته وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم فيأمره أولا بالكفر ويشككه في الإيمان فإن قدر عليه وإلا أمره بالمعاصي فإن أطاعه وإلا ثبطه عن الطاعة فإن سلم من ذلك أفسدها عليه بالرياء والعجب)[148] ا.هـ ، قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا وَكِيع حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرو الدِّمَشْقِيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد بْن الْخَشْخَاش عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ أَتَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فَجَلَسْت فَقَالَ " يَا أَبَا ذَرّ هَلْ صَلَّيْت ؟ " قُلْت لَا قَالَ " قُمْ فَصَلِّ " قَالَ فَقُمْت فَصَلَّيْت ثُمَّ جَلَسْت فَقَالَ " يَا أَبَا ذَرّ تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ شَرّ شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ " قَالَ : فَقُلْت يَا رَسُول اللَّه وَلِلْإِنْسِ شَيَاطِين ؟ قَالَ " نَعَمْ)[149].
    الشيطان لا يقبل مصانعة ولا إحسانا، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم لشدة العداوة بينه وبين أبيه آدم من قبل كما قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ)[150] ، وقال تعالى (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواًّ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)[151] ، وقال عز وجل: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)[152] .
وطبيعة الإنسان لا تصلح إلا بالإلتجاء والتقرب إلى الله تعالى، فهو خلق أصلاً لعبادته، فلا يستقيم حاله، ولا تصلح حياته، إلا مع الاستعانة به والتوجه إليه بكل أنواع العبادة. قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: ( عنْ  أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " )[153].
جوامع في التعوذ:
1 - عن عَائِشَةَ  رضي الله عنها قالت أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)[154].
 2- وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ)[155]، وزاد ابن حبان: (وَالقَسوةِ وَالغَفْلة وَالعَيْلَة، وَالذِّلّة وَالمَسْكنة، وَأَعوذُ بِكَ مِن الفقرِ وَالكُفرِ وَالفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعوذُ بكَ مِن الصَّمَمِ وَالبكم، وَالجُنون والجُذَام وَسَيّء الأَسْقَامِ)[156].
3- وعن أنس رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: (الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ))، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ...)[157].
4- وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ
الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا)[158] .
5- وعن مُصْعَبٍ قال: كَانَ سَعْدٌ رضي الله عنه يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا - يَعْنِي فِتْنَةَ الدَّجَّالِ - وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)[159]  .
6- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي لا يموت والجن والإنس يموتون)[160] .
7- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَعَوَّذُوا مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ)[161].
8- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ)[162]  .
9- وعَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: (كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلَتْهُ نَفْسِي)[163].
10- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ))، وعند أبي داود: ((وتحويل عافيتك))[164].
 11- وعن شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِي، فَقَالَ: (قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، ومِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي - يَعْنِي فَرْجَهُ)[165].
12- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ)[166].
13- وعن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدُعَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعَوْتَ بِدُعَاءٍ كَثِيرِ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئًا فَقَالَ: ((أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ ؟)) تَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ))[167].
14- وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ))[168] .
15- وعن أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا))[169].
 16- وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات:(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بَك مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَغلبةِ العَدُوِّ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ)[170].
17- وعن أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ، وَعَيْنِ الْإِنْسِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا، وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ)[171].
18- وعن زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ)[172] .
19- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ)[173].
20- وعن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَعَمَلٍ لَا يُرْفَعُ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَقَوْلٍ لَا يُسْمَعُ)[174].
21- وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أَنَّ النبيَ صلى الله عليه وسلم أَقبلَ عَلينَا بِوجههِ فَقالَ: ((تَعوَّذُوا باللهِ مِن عَذابِ النَّارِ))، قُلنا: نَعوذُ باللهِ مِن عَذابِ النَّارِ، قَالَ: ((تَعوَّذُوا باللهِ مِن الفِتَن مَا ظَهرَ مِنها وَمَا بَطَنَ))، قُلنا: نَعوذُ باللهِ مِن الفِتنِ مَا ظهرَ مِنها وَما بَطنَ، قَالَ: ((تَعوُّذوا بالله من فتنةِ الدَّجَّالِ))، قالوا: نَعوذُ بالله من فتنةِ الدَّجالِ)[175].
22- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْثِهِ وَنَفْخِهِ، فَهَمْزُهُ:الْمُوتَةُ، وَنَفْثُهُ: الشِّعْرُ وَنَفْخُهُ: الْكِبْرُ))[176].
23- وعن أبي التَّيَّاحِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَنْبَشٍ رضي الله عنه كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلمَ حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: جَاءَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْأَوْدِيَةِ، وَتَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْجِبَالِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَرُعِبَ قَالَ جَعْفَرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: جَعَلَ يَتَأَخَّرُ قَالَ: وَجَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: ((مَا أَقُولُ؟)) قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ، فَطَفِئَتْ نَارُ الشَّيَاطِينِ وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ لله عز وجل)[177].
( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، رب اعوذ بك من همزات الشياطين، واعوذ بك رب ان يحضرون، اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن، واعوذ بك من العجز والكسل، واعوذ بك من الجبن والبخل، واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، اللهم اني اعوذ بك من الفقر والعيّلة، واعوذ بك من كل بلية، اللهم اني اعوذ بك من الفقر الا اليك، ومن الذل الا لك، ومن الخوف الا منك، واعوذ بك ان اقول زورا، او اغشى فجورا، او اكون بك مغرورا، واعوذ بك من عضال الداء، وخيبة الرجاء، وشماتة الاعداء، وزوال النعمة، وفجأة النقمة، اللهم اني اعوذ بك من شر الخلق وهم الرزق وسوء الخلق، آمين آمين يا ارحم الراحمين ).
أَللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ هَيَجَـانِ الْحِرْصِ، وَسَوْرَةِ الغَضَبِ وَغَلَبَةِ الْحَسَدِ وضَعْفِ الصَّبْرِ وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ وَشَكَاسَةِ الْخُلُقِ، وَإلْحَاحِ الشَّهْوَةِ، وَمَلَكَةِ الْحَمِيَّةِ ، وَمُتَابَعَةِ الْهَوَى، وَمُخَالَفَةِ الْهُدَى، وَسِنَةِ الْغَفْلَةِ، وَتَعَاطِي الْكُلْفَةِ، وَإيْثَارِ الْبَاطِلِ عَلَى الْحَقِّ وَالإصْرَارِ عَلَى الْمَأثَمِ، وَاسْتِصْغَـارِ الْمَعْصِيَـةِ، وَاسْتِكْثَارِ الطَّاعَةِ، وَمُبَاهَاةِ الْمُكْثِرِينَ، وَالإزْرآءِ بِالْمُقِلِّينَ، وَسُوءِ الْوِلاَيَةِ لِمَنْ تَحْتَ أَيْدِينَا وَتَرْكِ الشُّكْرِ لِمَنِ اصْطَنَعَ الْعَارِفَةَ عِنْدَنَا، أَوْ أَنْ نَعْضُدَ ظَالِماً، أَوْ نَخْذُلَ مَلْهُوفاً، أَوْ نَرُومَ مَا لَيْسَ لَنَا بِحَقٍّ نُعْجَبَ، أَوْ نَقُولَ فِي الْعِلْمِْ بِغَيْرِ عِلْم وَنَعُـوذُ بِـكَ أَنْ نَنْطَوِيَ عَلَى غِشِّ أَحَد، وَأَنْ نُعْجَبَ بِأَعْمَالِنَا، وَنَمُدَّ فِي آمَالِنَا ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ السَّرِيرَةِ، وَاحْتِقَارِ الصَّغِيرَةِ، وَأَنْ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْنَا الشَّيْطَانُ، أَوْ يَنْكُبَنَـا الزَّمَانُ، أَوْ يَتَهَضَّمَنَا، السُّلْطَانُ. وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ تَنَاوُلِ الإسْرَافِ، وَمِنْ فِقْدَانِ الْكَفَـافِ وَنَعُوذُ بِـكَ مِنْ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ وَمِنَ الْفَقْرِ إلَى الاَكْفَاءِ وَمِنْ مَعِيشَة فِي شِدَّة وَمَيْتَة عَلَى غَيْـرِ عُدَّة. وَنَعُـوذُ بِكَ مِنَ الْحَسْرَةِ الْعُظْمى، وَالْمُصِيبَةِ الْكُبْرَى، وَأَشْقَى الشَّقَآءِ وَسُوءِ المآبِ ، وَحِرْمَانِ الثَّوَابِ، وَحُلُولِ الْعِقَابِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَأَعِذْنِي مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِرَحْمَتِكَ وَجَمِيـعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
   فكم من أناس يدعون محبة الله بقلوبهم وألسنتهم: وأحوالهم تكذب دعواهم، فعلامة حب العبد لربه وحب الله لعبده طاعة رسول الله .والقرآن والسنة مملوآن بذكر من يحبه الله سبحانه من عباده المؤمنين وذكر ما يحبه من أعمالهم وأقوالهم وأخلاقهم  .



[1] کتاب معرفة المعاد / المجلد الثانی / المجلس‌ التاسع‌- الحاجّ‌ السيّد محمّد الحسين‌ الحسينيّ‌ .
[2] سورة التوبة الآية: 61
[3] تفسير القرطبي – الامام القرطبى
[4] ولد الدكتور يحيى جبر في قرية كفر سابا المحتلة عام 1944م، وبعد نكبة عام 1948م نزحت عائلته الى قلقيلية، ودرس المراحل المدرسية الثلاث في مدارسها. وبعد اجتيازه امتحان التوجيهي تابع دراسته الجامعية في جامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية، حيث تخصص في اللغة العربية وآدابها، وأنهى المراحل الجامعية الثلاث منها، وحصل على درجة الدكتوراه  عام 1977م. والدكتور يحيى جبر رئيس قسم اللغة العربية/ كلية الآداب بجامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس.
[5] سورة الحاقة، الآية رقم 12
[6] سورة الكهف، الآية رقم 11
[7] سورة الأعراف، الآية رقم 100
[8] مجلة رسالة التربية - مكتب التربية العربي لدول مجلس التعاون الخليجي .......................................................................................... .
[9] سورة الانسان الآية 1 و 2
[10] سورة المؤمنون الآية 78
[11] سورة البقرة الآية: 171
[12] سورة البقرة الآية:...
[13] سورة الأنعام الآية: 36
[14] سورة القصص الآية: 55
[15] سورة الأحقاف.....
[16] سورة التحريم الآية: 4
[17] سورةالأعراف الآية: 204
[18] سورةعبس الآية: 33
[19] سورة يس الآية: 29
[20] سورة الأعراف الآية: 78
[21] سورة المؤمنون : 78
[22] من بحث الدكتور منصور أبوشريعة العبادي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية   http://.............................................................................................
[23] الإصابة في تمييز الصحابة (الجزء 1 - الصفحة 79) (الجزء 3 - الصفحة 5)- الحافظ ابن حجر
[24] تاريخ دمشق (الجزء 20 , الصفحة25 ) - الحافظ بن عساكر.
[25] سورة الحجر آية 75
[26] سنن الترمذي ( 3127 )
[27] رواه الطبراني في " الأوسط " ( 3 / 207 ) ، وابن جرير الطبري في " التفسير " ( 14 / 46 )
[28] سورة الانعام 122
[29] راجع: مدارج السالكين (2/482-484). – ابن القيم
[30] المصدر السابق
[31] سورة الأعراف:198
[32] سورة يوسف:105
[33] سورة الجاثية:20
[34] سورة الإسراء:12
[35] سورة الشمس:7
[36] سورة الأعراف:201
[37] سورة الحج:46
[38] سورة النمل:13
[39] سورة الإسراء:59
[40] سورة الأنعام الآية:104
[41] سورة النور الآية: 44
[42] سورة الحشر الآية:2.
[43] سورة الانشقاق الآية:6
[44] رواه مسلم
[45] سورة الأنعام الآية:104
[46] سورة الأعراف:170
[47] رسالة - الشيخ فريد الأنصاري – موقع http://faridalansari.com/index.php?limitstart=6
[48] سورة الحج:  46
[49] الجامع لاحكام القرآن الامام القرطبى ص72
[50] سورة النحل: 43
[51] صحيحالبخاري
[52] لسان العرب – ابن منظور
[53] سورة القلم الآية: ( 1-5 )
[54] تفسير ابن كثير/ سورة القصص - ابن كثير
[55]  انظر البدائل العلاجية صفحة 319.
[56] ( كتاب الشفاء بالتنويم المغناطيسي والطاقة الروحية ص 284 –291).
[57] بحث - الدكتور منصور أبوشريعة العبادي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية  على الوقع / http://www.mallokat.com/showthread.php?p=1102
[58] الدعاء 1040 – الطبرانى ، السنن الكبرى للنسائى 10354
[59] صحيح مسلم 4068
[60] رواه أحمد في مسنده 24434
[61] رواه أحمد 2054
[62] روه البخاري5335
[63] مسند احمد بن حنبل 21651         .
[64] سورة الانفال الآية: 17-18- 19.
[65] البداية والنهاية" (7 /114-115) - ابن كثير / وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (44 /336)
[66] سورة النور الآية: 45
[67] رواه البخاري في صحيحه برقم(4760)
[68]أنظر مثلا: الصحاح للجوهري مادة (مشا)، ولسان العرب لابن منظور مادة(مشي)
[69]مفردات ألفاظ القرآن(2 / 377) للراغب الأصفهاني
[70]مقاييس اللغة (5 / 325) المؤلف: أبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّاالمحقق: عبد السَّلام محمد هَارُون. الناشر: دار الفكر. الطبعة: 1399هـم
[71]المصباح المنير(1 / 296). لأحمد بن محمد بن علي الفيومي المقري. دراسة و تحقيق: يوسف الشيخ محمد. ط: المكتبة العصرية
[72]سورة الليل: 4
[73]سورة القصص 20
[74]سورةالإسراء 19
[75]سورة الليل 4
[76]سورة البقرة 260
[77]سورة الجمعة 9
[78]بحر العلوم: (3/ 426)
[79]سورة لقمان: 19
[80]تفسير ابن كثير(6/ 339) دار طيبة
[81]أخرجه مسلم برقم(2330)
[82]سورة الملك: 15
[83]أضواء البيان (8/ 238)
[84]السابق
[85]أضواء البيان: (8/ 239- 240)
[86]سورة القلم: 11
[87]تفسير ابن كثير(8/ 190)
[88]النكت والعيون: (6/ 63-64). أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماورديالبصري. دار النشر: دار الكتب العلمية -بيروت / لبنان -.تحقيق: السيد بنعبد المقصود بن عبد الرحيم
[90]في ظلال القرآن: (4/ 2228)
[91]سورة النازعات: 27 - 29
[92]فتح القدير: (3/ 326) للشوكاني
[93]أضواء البيان: (3/ 156)
[94]تفسير القرطبي: (10/ 262)
[95]النكت والعيون: (3/ 244) لأبي الحسن الماوردي
[96]في ظلال القرآن: (4/ 2228)
[97] سورة الحديد الآية: 28
[98] سورة الأنعام الآية: 122
[99]اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية (1 / 9-10)
[100] منظومة "جوهرة التوحيد" – اللقانى
[101] سورة البقرة الآية: 186
[102] أخرجه الترمذي (3571)
[103] الأسماء والصفات للبيهقي رقم الحديث: 161
[104] أخرجه الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «رفع الأيدي في الدعاء» حديث (3386)، وأخرجه الحاكم في مستدركه (1/719) في كتاب «الدعاء» حديث (1967).
[105] رواه البيهقي في ( الكبرى ) ( 2/ 212) وأخرجه أيضا ابن ماجه في كتاب «الدعاء» في باب «رفع اليدين في الدعاء» حديث (3866)، والحاكم في مستدركه في كتاب «الدعاء» (1/719) حديث (1968).
[106] رواه الترمزى ( ، رقم 3479). والحاكم (1/670 ، رقم 1817)،
[107] صحيح مسلم برقم ( 3009 ) .
[108] رواه البخاري (6340) ومسلم (2735).
[109] رواه الطبرانى الترمذي (2/184/593)
[110] رفع اليدين بالدعاء دبر الصلاة والدعاء الجماعي ( دراسة مقارنة).
([111]) صحيح البخارى 3/243 ( 2703 ) و4/23 ( 2806 ) و6/29 ( 4500 ) و65 ( 4611 ) .
([112]) الحاكم في " المستدرك " 3/292 .وأخرجه : الترمذي ( 3854 ) ، وابن الأثير في " أُسد الغابة " 1/206 عن أنس بن مالك .
[113] في كتاب "مجابو الدعوة " ( 22 ) ، وإسناده ضعيف لضعف جَسْر بن الحسن اليمامي .
[114] في " الحلية " 1/108 - 109 ، وانظر : الطبقات الكبرى لابن سعد 3/66 - 67 ، وسير أعلام النبلاء 1/112 .
[115] أخرجه : البخاري 1/192 ( 755 ) عن جابر بن سُمرة ، به .
[116] أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 36 ) ، والطبراني في " الكبير " ( 307 ) ، وانظر : مجمع الزوائد 9/154 .
[117] أخرجه : مسلم 5/57 – 58 ( 1610 ) ( 138 ) .
[118] أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 40 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/7 - 8 . 
[119] أخرجه : ابن سعد في " الطبقات " 7/15 ، وابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 44 ) .
[120] أخرجه : ابن أبي الدنيا في " الأولياء " ( 42 ) عن أبي موسى الأشعري ، به .
[121] أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 84 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 2/129 .
([122]) المصدر السابق
([123]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 92 ) .
([124]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 93 ) .
([125]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 55 ) .
([126]) سفيفة من خوص يوضع فيها الطعام . انظر : الفائق 1/216 .
([127]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 56 ) .
([128]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 67 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 3/151 .
([129]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 96 ) .
([130]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 97 ) .
([131]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 99 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 6/150 .
([132]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 124 ) .
([133]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 95 ) .
([134]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 49 ) .
([135]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 131 ) وفي " الأولياء " ، له ( 63 ) . 
([136]) انظر : الأولياء لابن أبي الدنيا : 25 .
([137]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " مجابو الدعوة " ( 122 ) .
([138]) سبق تخريجه .
([139]) أخرجه : ابن أبي الدنيا في " الأولياء " ( 1 ) ، وانظر : مجمع الزوائد 10/264 .
([140]) في " الأوسط " ( 7548 ) .وانظر : الترغيب والترهيب ( 4692 ) ، ومجمع الزوائد 10/264 .                                           
[141] جامع العلوم والحكم ص 390  -397 – ابن رجب
[142] صحيح مسلم/ رقم الحديث: 5204
[143] تفسير القرطبى- القرطبى
[144] التفسير 1/31 وانظر: أضواء البيان 2/435- ابن كثير
[145] الأعراف الآية: (199)- 200.
[146] سورة المؤمنون الآية:96-98.
[147] فصلت:34-36 
[148] التسهيل - ابن سعيد الغرناطي
[149] مسندالإمام أحمد
[150] سورة  الأعراف الآية: 27
[151] سورة  فاطر الآية:6
[152] سورة  الكهف الآية:50
[153] صحيح مسلم / رقم الحديث: 4858
[154]أخرجه البخاري ح (6368)، ومسلم ح (589)
[155]أخرجه البخاري ح (2823)، ومسلم ح (2706)  .
[156]أخرجه ابن حبان كما في الإحسان ح (1023)
[157]أخرجه البخاري ح (2893)، ومسلم ح (1345)
[158]أخرجه مسلم ح (2722) والترمذي ح (3482)، والنسائي ح (5458)
[159]أخرجه البخاري ح (2822)
[160]أخرجه البخاري ح (7383)، ومسلم ح (2717)
[161]أخرجه البخاري ح (6616)، ومسلم ح (2707)
[162]أخرجه مسلم ح (2716)، وأبو داود ح (1550)، والنسائي ح (1307)
[163]أخرجه مسلم ح (2716)
[164]أخرجه مسلم ح (2739)، وأبو داود ح (1545)، والنسائي في الكبرى (4/ 463)
[165]أخرجه أبو داود ح (1551)، والترمذي ح (3492)، والنسائي ح (5456)، وأحمد (3/429)، والحاكم في المستدرك (1/715).
[166]أخرجه أبو داود ح (1544)، والنسائي ح (5461)، وابن ماجه ح (3832)، وأحمد (2/305)، وابن حبان كما في الإحسان (1030)، والحاكم في المستدرك (1/725)
[167]أخرجه الترمذي ح (3521)، وقال: ((حسن غريب))
[168]أخرجه أبو داود ح (1539)، والنسائي ح (5443)، وابن ماجه ح (3834)، وأحمد (1/22)، وابن حبان كما في الإحسان ح (1024)، والحاكم في المستدرك (1/712)
[169]أخرجه أبو داود ح (1552)، والنسائي ح (5531)، وأحمد (3/427)، والحاكم في المستدرك (1/713).
[170]أخرجه الحاكم في المستدرك (1/713)، وصححه على شرط مسلم
[171]أخرجه الترمذي ح (2058)، والنسائي في الكبرى (4/441)، وابن ماجه ح (3511)، وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب))
[172]أخرجه الترمذي ح (3591)، وابن حبان كما في الإحسان (960)، والحاكم في المستدرك (1/714)
[173]أخرجه النسائي ح (5502)، وأحمد (2/346)، وابن حبان كما في الإحسان ح (1033)، والحاكم في المستدرك (1/714)، وصححه أخرجه النسائي ح (5502)، وأحمد (2/346)، وابن حبان كما في الإحسان ح (1033)، والحاكم في المستدرك (1/714)
[174]أخرجه النسائي ح (5470)، وأحمد (3/255)، وابن حبان كما في الإحسان (83)، والحاكم في المستدرك (1/185)، وصححه
[175]أخرجه مسلم ح (2867)، وأحمد (5/190) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
[176]أخرجه ابن ماجه ح (808)، وأحمد (1/404)
[177]أخرجه أحمد (3/420)، وابن أبي شيبة (6/80)، وأبو يعلى ح (6844)، من طريق جعفر بن سليمان الضبعي، وأخرجه مالك في الموطأ (2/950)

ليست هناك تعليقات: